في الثالث من حزيران 2022، في البيت الروسيّ لألكسندر سولجينيتسين في موسكو، وببركة قداسة البطريرك كيريل، الذي هو، في الوقت نفسه، رئيس لجنة الأعضاء الفخريّين، أقامت الجمعيّة الإمبراطوريّة الأرثوذكسيّة الفلسطينيّة حفلاً بمناسبة الذكرى 140 لتأسيسها، كما عقد، في نفس اليوم، المؤتمر الخامس المشمول بالتقرير. 

بإرادة الإمبراطور الروسيّ ألكسندر الثالث في العام  1882تأسّست الجمعيّة الإمبراطوريّة الأرثوذكسيّة الفلسطينيّة. حتّى الحرب العالميّة الأولى، كانت هذه الجمعيّة تعمل بنشاط لتوسيع الوجود الروسيّ في الشرق الأوسط والأرض المقدّسة، كما دعمت سكّان هذه البلاد المسيحيّين، ونفّذت العديد من المشاريع الإنسانيّة هناك. لم تُغلق هذه المنظَّمة مطلقًا، ولكنّ عملها انتهى في العقود الأولى من السلطة السوفيتيّة. بعد فترة وجيزة من الحرب الوطنيّة العظمى، واصلت الجمعيّة، من جديد، العمل في المجال العلميّ، وغيّرت اسمها إلى "الجمعيّة الفلسطينيّة" ودخلت عضواً في أكاديميّة العلوم التابعة للاتّحاد السوفياتيّ. وفي العام 1992، استرجعت اسمها الأصليّ.

في بداية الاحتفال، توجّه رئيس الجمعيّة السيّد ستيباشين بكلمة ترحيب تحدّث فيها عن المهام الرئيسيّة للجمعية في الوقت الحاضر وتطلّعاتها المستقبليّة. وذكر أنّ الجمعيّة تؤكّد حقيقة جدواها وفعاليتها لاسيّما في ظلّ الوضع الدوليّ الحاليّ الصعب. ثمّ شكر أعضاء المجلس، وجميع الأعضاء وأصدقاء وشركاء الجمعيّة على مساندتهم في إنجاز الأنشطة المتعدّدة الأنواع والمثمرّة، مشيرًا إلى الدور الخاصّ لأعضاء اللجنة الفخريّين تحت إشراف قداسة البطريرك كيريل بطريرك موسكو وسائر روسيا، الذي يوفّر للجمعيّة الدعم والإرشاد الروحيّ المستمرّ، وكذلك أعضاء مجلس الأمناء تحت رئاسة السيّد توكاريف، مدير شركة النفط الروسيّة.

كما نشر موقع الجمعيّة في المناسبة رسائل الترحيب من فخامة الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الحكومة الروسيّة ميشوستين.

من بين الحاضرين في الاحتفال كان رئيس وزارة الخارجيّة في روسيا الاتّحاديّة سيرغي لافروف، وهو عضو فخريّ في الجمعيّة، والذي أشار في كلمته إلى أنّ الجمعيّة اليوم "ليست، فقط، خليفة قانونيّة، ولكنها في الواقع خليفة تاريخية جديرة وبخاصّة في القضيّة النبيلة المتمثّلة في توسّع الوجود الثقافيّ والإنسانيّ الروسيّ في الشرق الأوسط". وصرّح الوزير أنّ "المهمّة النبيلة للجمعيّة المطلوبة منها، بشكل خاصّ اليوم، ليست سهلة لا سيّما وأنّ الوضع في الشرق الأوسط، وفي العالم بأسره، غير مستتب". وشدّد، على وجه الخصوص، على مشروع حماية المسيحيّين المضطهدين الذين أُجبروا على الهرب من منطقة الشرق الأوسط بسبب الكراهية الدينيّة والإرهاب نتيجة ما يسمّى بـ "الربيع العربيّ". وقال، أيضاً، إنّ "مهمّة حماية المسيحيّين لا تنحصر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بل وفي أوروبا أيضاً". والجدير بالذكر أنّ الجمعيّة هي واحدة من أكثر الناشطين في حركة حماية القيم المسيحيّة الأرثوذكسيّة". وتابع وزير الخارجيّة: "أنا متأكّد من أنّ الجمعيّة ستستمرّ ليس، فقط، في تعزيز العلاقات الوثيقة بين روسيا والأرض المقدّسة، وإنّما، أيضًا، في دعم القيم الحقيقيّة لمكافحة فرض القيم الوهميّة والضارّة، وهو ما يعمله الآن "الغرب المستنير".

تلا سيادة المتروبوليت أنطونيوس رئيس قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو الجديد رسالة ترحيب من قداسة البطريرك كيريل بطريرك موسكو وسائر روسيا. قال فيها: "تمّ تأسيس الجمعيّة بأمر من الإمبراطور ألكسندر الثالث، وبدأت على الفور في تنفيذ الأنشطة العلميّة والبحثيّة والتعليميّة والإنسانيّة والخيريّة. في السنوات الماضيّة، من خلال افتتاح المدارس والمستشفيات ودور العجزة في فلسطين، وتقديم المساعدة للحجّاج، ساهمت مساهمة كبيرة في تطوير العلاقات بين روسيا ودول الشرق الأوسط، وتعزيز الوجود الروسيّ في الأرض المقّدسة. تستحقّ التقدير الخاصّ الجهود الرامية إلى حلّ قضيّة إعادة الممتلكات الروسيّة في الأرض المقدّسة، وكذلك الاهتمام للحفاظ على تقاليد الرحمة والإحسان المسيحيّة".

وتوجّهت وزيرة الثقافة في الحكومة الروسيّة السيّدة ليوبيموفا كلمة قالت فيها إنّ مسار أقدم مؤسّسة عامّة في روسيا هو تاريخ حيّ لتقاليد الأعمال الخيريّة والتعليم والدبلوماسيّة العامّة والثقافيّة.

وشدّد توكاريف، مدير شركة النفط الروسيّة، وهو رئيس مجلس الأمناء للجمعيّة، على أنّ اليوم، ومنذ ما يقرب من قرن ونصف من نشاط الجمعيّة، فهي تساعد على إيجاد تواصل بين ممثّلي مختلف الشعوب بالاعتماد على المعرفة والاحترام المتبادل والاهتمام الصادق بتاريخ بعضهم البعض وتقاليدهم الروحيّة والثقافيّة. تقوم الجمعيّة بعمل تعليميّ، وتعرّف المجتمع الأجنبيّ على الثقافة الروسيّة، وأنشطة الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة.

نقل ممثّل بطريرك أنطاكية وسائر المشرق لدى بطريرك موسكو وسائر روسيا سيادة المتروبوليت نيفن (صيقلي) تحيّات غبطة البطريرك يوحّنا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، معرباً عن تقديره الكبير لأنشطة الجمعيّة في الشرق الأوسط، ولا سيما في سوريا ولبنان. أشار غبطته في رسالته إلى أهمّيّة المساعدة التي تقدّمها هذه الجمعية للسكّان السوريّين من المدن المدمَّرة، والذين وجدوا أنفسهم في مواقف معيشيّة صعبة. وقال المطران نيفن إنّ أنشطة الجمعيّة واهتمامها بشعوب كلّ من سوريا ولبنان وفلسطين الشقيقة منقوشة بأحرف ذهبيّة في تاريخ بلادنا، وهي مثال يحتذى به لجميع المنظَّمات المسيحيّة".

قدّم رئيس الجمعيّة للمتروبوليت نيفن جائزة رفيعة وهي "وسام الشرف في ذكرى الأمير العظيم سيرغي ألكسندروفيتش".

كما وصلت، كذلك، رسالة تهنئة من غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والأردن، قال فيها: "أرجو أن تتقبّلوا تهانينا الحارّة بمناسبة الذكرى الـ 140 لتأسيس الجمعيّة الإمبراطوريّة الأرثوذكسيّة الفلسطينيّة، التي تتمتّع بسمعة حسنة سواء في روسيا أو في الشرق الأوسط. فلقد ساعدت، على مدى عقود، الآلاف من المؤمنين الروس في حجّهم إلى الأماكن المقدّسة حيث صلب ربّنا يسوع المسيح وقام من بين الأموات. كانت المدارس والمستشفيات والمؤسسات الاجتماعيّة الأخرى التي أنشأتها الجمعيّة للسكّان المحلّيّين مساعدة كبيرة لهم. تمّ هذا العمل تحقيقاّ لوصية ربّنا أن نحبّ أقرباءنا كأنفسنا. نحن نقدّر، بالحقيقة، تقديراً جمّاً عمل الجمعيّة، من خلال مؤسّساتها، على تعزيز الوجود المسيحيّ في الشرق الأوسط".