قداسة البطريرك كيريل يلقي الكلمة الافتتاحيّة أثناء انعقاد المجمع الروسيّ المقدّس
ترأس قداسة البطريرك كيريل المجمع المقدّس للكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة بتاريخ 13 نيسان في المقرّ البطريركيّ "دير دانيلوف" (موسكو)، وألقى الكلمة الافتتاحيّة التالية التي جاء فيها:
أودّ، بادئ ذي بدء، أن أرحّب بجميع أعضاء المجمع المقدّس.
نشترك، في الحقيقة مع شعبنا، اليوم، في مواجهة التجارب والمحن الصعبة والقاسية المتعلّقة بانتشار وباء الكورونا. وهذا يحدث ليس، فقط، في بلدنا أو في البلدان التي توجد فيها رعايا الكنيسة الروسيّة بل في العالم بأسره.
أنّ هذا الوباء الخطير منتشر في العالم أجمع. لذلك أعتقد أنّ الإجراءات التي اتّخذتها إدارة الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة حول "إقامة الخدم ومشاركة المؤمنين للصلوات" جاءت في الوقت المناسب والطريقة المناسبة. وهذا ما حال دون وقوع أيّ اتّهام للكنيسة (هذا يحدث كثيراً) بأنّها مصدر لانتشار الوباء.
فالآن يتمّ حضور الناس في الخدم الكنسيّة وفق تنظيم معيّن يتوزّع فيه المؤمنون بشكل يتناسب ومساحة الكنيسة، وما زال ضروريّاً وضع الكمّامات. من المهمّ، أيضاً، أن تكون لدينا طرق خاصّة لقبول أسرار المسيح المقدّسة التي استلمناها من المجامع المقدّسة. طبعاً، هناك دائمًا أشخاص غير راضين ينتقدون إجراءات الحدّ من انتشار الوباء، ولكنّ الأغلبيّة الساحقة من الناس تتعاطف مع هذه الإجراءات المتّخذة.
لا نشكّ، على الإطلاق، في القدرة العجائبيّة للشفاء بواسطة الأسرار المقدّسة. فمثلاً بعد المناولة المقدّسة المشتركة يتناول الشمّاس ما يتبقّى في الكأس بعد أن تناول جميع المؤمنين، ولم يصب أحد منهم! وأيضاً يتناول الكهنة ما يتبقّى في الكأس، وكذلك أنا البطريرك عندما أقيم القدّاس الإلهيّ في الكنيسة البطريركيّة بنفسي حيث تشاركني الخدمة رعيّة صغيرة أتناول بثقة، تامّة، ما يبقى في الكأس المقدّسة بعد المؤمنين أي جسد ودم ربّنا وإلهنا يسوع المسيح، وهما أعظم المقدّسات التي لا تتأثّر بالوباء ولا بأيّ شرّ لأنّها في جوهرها "القدسات للقدّيسين".
يجب علينا أن نمضي قُدُماً في هذه الإجراءات مع بعض التحفّظ. فالآن يجري تطوير نماذج جديدة للعمل الرعويّ مع المؤمنين. وأودّ تقديم الشكر والامتنان لكهنة المشافي على خدمتهم الصالحة التي يقومون بها، وبخاصّة في أجنحة الأمراض المعدية، ورعايتهم لمرضى وباء الكورونا. وأريد أن أذكر أنّه، وللأسف الشديد، وقعت خسائر بين أساقفتنا وكهنتنا، لقد أعلنت عن هذا سابقاً في أحد اجتماعات المجلس الأعلى للكنيسة الروسيّة ورفعنا الصلاة من أجلهم. لا أستطيع إلّا أن أقف بإجلال وتقدير أمام أساقفتنا وكهنتنا الذين تبيّن أنّهم ظهروا أوفياء لدعوتهم، عندما لم يخافوا من الوباء ولم يرتاعوا من الموت، بل قاموا بواجبهم الرعويّ حتّى اللحظة الأخيرة كما يدعوهم الربّ يسوع المسيح. أقول من جديد " ليكن ذكرهم مؤبّداً".
آمل أن تعبر هذه التجربة الصعبة، وأن تعود الكنيسة وجميع الناس والبلاد إلى حياة خالية من هذا الوباء الخطير. وأعتقد أنّ هذه التجربة، التي مررنا بها، قد أثّرت علينا جميعًا، فلقد ساعدتنا على تقدير المشاركة مع أخوتنا في المسيح في الخدم الكنسيّة وكم كانت تسعدنا. لأنّه عندما يكون الحضور في الكنيسة محدوداً، كما هو اليوم في العديد من الأماكن، تغدو الكنائس صحراء خاوية، فيتسرّب الانزعاج إلى القلب من هذه الصورة، ولكنّنا ندرك كلّ الإدراك بأنّ هذه التجربة كانت مهمّة لنا، فلكوننا نسعى نحو الخير، دوماً، لا سيّما إبّان الصعوبات، فإنّنا نشكر الربّ بقوّة أكبر على رحمته التي يمنحها لنا. وسيشملنا الفرح العارم عندما سنلتئم جميعًا معًا، عندما سيُسمح لجميع المؤمنين زيارة الكنائس دونما قيود، عندما سنصلّي ونتناول أسرار المسيح المقدّسة مع بعضنا البعض.
يا إخوة، لنواصل صلاتنا وعملنا، ولنلتزم بدقّة بجميع الإجراءات الصحّيّة اللّازمة، ولندعم مؤمنينا في التقيّد بهذه التعليمات، ولنبذل كلّ جهد في سبيل الوصول إلى تتميم مشيئة الله، حتّى يحين الوقت الذي ينتهي فيه هذا الاختبار. وأمّا نحن، فسنتمكّن من إقامة الخدم الإلهيّة بطريقة ما، أي بشكل مقبول في كنيستنا، وكلّنا رجاء برحمة الله، التي ستجعلنا، بلا شكّ، نحيا بسلام شامل ونتحمّل هذا الوباء. سنرفع صلواتنا اليوم من أجل هذا.
دائرة الاتّصالات في قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة
المصدر: موقع بطريركيّة موسكو
10.02.2024
19.12.2023