المطران ثيوذوسيوس رئيس أساقفة سبسطية: "نرفض التحريض الذي يقوم به بعض المسؤولين في الغرب وهو يستهدف غبطة بطريرك روسيا كيريل"

دائرة الاتّصالات في قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو 07/06/2024

قال سيادة المطران ثيوذوسيوس (عطا الله حنّا) رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس بأنّنا نلحظ في الآونة الأخيرة تحريضاً غير مسبوق يستهدف الكنيسة الارثوذكسيّة الروسيّة ورئيسها بنوع خاصّ غبطة البطريرك كيريل.

إذ أن المحرضين وهم بغالبيتهم سياسيون وإعلاميون في الغرب يستغلون الحرب الدائرة حاليّاً في أوكرانيا من أجل التطاول على غبطة بطريرك روسيا والتحريض على الكنيسة الروسيّة بحجة إنّها تؤيد الحرب، نعتقد بأن هذا تحريفاً وتزيفاً للحقائق والوقائع، فالكنيسة لا تؤيد الحروب بل تدعو دائماً الى السلام، فإنّ غبطة بطريرك روسيا كيريل عبّر وفي أكثر من مكان وفي أكثر من موقع عن دعوته من أجل السلام كما أنّ من واجبه الروحيّ أيضاً كونه بطريركاً لروسيا أن يدافع عن بلده ووطنه وأن يرفض المؤامرات والمشاريع الغربيّة التي تستهدف روسيا .

إنّنا أعلنا مراراً وتكراراً بأنّنا نرفض الحروب ومنها الحرب الدائرة حاليّاً في أوكرانيا والتي نتمنى أن تنتهي سريعاً لكي تتوّقف هذه المأساة الانسانيّة والتي يدفع فاتورتها المدنيين والأبرياء، لكنّنا في نفس الوقت نرفض استغلال هذه الحرب وهذا الصراع السياسي والعسكري من أجل النيل من مكانة الكنيسة الروسيّة ورسالتها الروحيّة والانسانيّة السلميّة.

إنّ استغلال الحرب بهدف النيل من مكانة الكنيسة الروسيّة إنما هو عمل غير مقبول وغير مبرّر لاسيما أنّ غبطة البطريرك كيريل هو الرئيس الروحيّ للكنيسة الروسيّة وغالبية الكنائس الارثوذكسيّة تعترف بهذا وتذكر اسم غبطته في "الذيبتخا" والتحريض الذي يطال الكنيسة الارثوذكسيّة نعتقد بأنه استهداف للكنيسة الارثوذكسيّة كلّها.

إنّ الاضطهاد ينال من الكنيسة الارثوذكسيّة الشرعيّة والقانونيّة في أوكرانيا والتي يرأسها سيادة المتروبوليت أونوفريوس حيث هنالك ملاحقة للأساقفة وللكهنة واستيلاء على الكنائس ومؤخرا تم تدمير كنيسة في أوكرانيا في مشهد مأساوي يذكرنا بالحقبة البلشفيّة والتي كانت فيها اضطهادات بحق الكنيسة، كما ان تدمير هذه الكنيسة التعسفي يذكرنا بحقب تاريخيّة مظلمة كانت تتعرض فيها الكنيسة للاضطهاد والاستهداف .

إننا نرفض التحريض الذي يتعرض له غبطة بطريرك روسيا واي اختلاف في وجهات النظر يجب ان يعالج ليس من خلال التحريض والاساءة بل من خلال فتح افاق الحوار ولكن يبدو ان اولئك المحرضين اهدافهم مبيتة وهم لا يؤمنون بالحوار وهم يخدمون اجندات معاديّة للكنيسة الارثوذكسيّة وهم يسعون لتكريس الانقسامات فيها والنيل من مكانة هذه الكنيسة في العالم.

إنّ التحريض الذي يتعرض له غبطة بطريرك موسكو وعدد من الاساقفة التابعين لهذه الكنيسة الشقيقة انما هو عمل مشبوه يندرج في اطار استهداف هذه الكنيسة كما واستهداف الكنيسة الارثوذكسية كلّها، والاضطهاد يحدث في اوكرانيا كما وفي غيرها من الدول حيث هنالك حضور روحي للكنيسة الروسية الشقيقة .

ففي إستونيا على سبيل المثال لا الحصر هنالك استهداف للكنيسة الارثوذكسيّة القانونيّة والشرعيّة هناك والتهمة جاهزة وهي التبعية لبطريركيّة موسكو لا بل أنّ وزير الداخليّة في حكومة إستونيا تجاوز صلاحياته ووصف بطريرك موسكو بأنّه في حالة البدعة، فبأي حق يقوم وزير الداخليّة في إستونيا باتهام بطريرك موسكو بهذه التهم الباطلة فهذا ليس من صلاحياته واختصاصه.

ليس من المقبول أنّ يقوم هذا المسؤول الحكومي في إستونيا باتهام رئيس الكنيسة الروسيّة بالبدعة ففي المفهوم الكنسي البدعة والهرطقة تعني الابتعاد عن العقيدة الارثوذكسيّة والايمان المسيحيّ القويم والبدعة هي تشويه لنقاء الإيمان وكل أسقف يعرف العقائد المقدّسة والقواعد التي صاغتها المجامع المسكونيّة وخاصّة فيما يتعلّق بالثالوث الاقدّس وحضور الربّ يسوع المسيح الدائم والمستمّر في كنيستنا وحياتنا الروحيّة.

لقد انتشر الإيمان المسيحيّ من خلال الرسل القديسين الذين اجتمعوا في العنصرة في القدس ومنها انتقلوا الى سائر اصقاع العالم لكي يبشروا بالإيمان المسيحي في مشارق الارض ومغاربها، ومن هنا في القدس حيث الأماكن المقدّسة وصلت البشارة بالفادي الربّ يسوع المسيح إلى روسيا حيث كانت المعموديّة ودخلت روسيا إلى الإيمان المسيحي وما زالت محافظة على نقاء الايمان حتى اليوم رغما عن كل الظروف الصعبة والقرون الطويلة والتي لم تكن خالية من الاضطهادات والاستهداف.

نعبر عن تضامننا مع كنيسة إستونيا ومطرانها ونصلي من اجل وقف الاضطهادات التي تستهدف الكنيسة الارثوذكسيّة في أوكرانيا وإستونيا وفي غيرها من الاماكن ونرفض تدخل السلطات السياسيّة في الشؤون الداخلية للكنيسة الارثوذكسية في إستونيا ونرفض التصريحات الغير حكيمة والغير مسؤولة من سياسيين في إستونيا هدفها التحريض على الكنيسة الارثوذكسيّة وإثارة الاضطرابات والفتن في حياة الكنيسة الأرثوذكسيّة

نعرف جيدا ان كنيستنا الارثوذكسيّة تعيش أوقاتا عصيبة بسبب الانقسامات والخلافات الداخليّة والتي سببها الاساسي هو السياسة الغربيّة حيث يريدون التدخّل في الشأن الكنسي الأرثوذكسيّ الداخليّ وهم الذين سعوا من أجل فرض كنيسة غير قانونيّة وغير شرعيّة في أوكرانيا وها هم اليوم يسعون لفرض هذا في أماكن أخرى في هذا العالم.

ندعو الحكماء في الكنيسة الارثوذكسيّة وهم موجودون والحمد لله من أصحاب الغبطة البطاركة والمطارنة ورؤساء الكنائس المستقلّة إلى إطلاق مبادرات هادفة لمعالجة هذه الانقسامات ووقف حد لها، ووضع حد للتدخّلات السياسيّة الغربيّة في شؤون الكنيسة الارثوذكسيّة الداخليّة حيث أنّ هؤلاء يسعون لتكريس الانقسامات وتعميقها من خلال تصريحاتهم وتحريضهم واساءاتهم.

ففي الوقت الذي فيه نؤكد موقفنا الرافض للحروب في أوكرانيا وفي غزة وفي غيرها من الاماكن ومطالبتنا بأن تتوقف الحروب لكي تسود لغة المحبة والاخوة الانسانيّة بين الإنسان وأخيه الإنسان، فإنّنا نرفض استغلال هذه النزاعات والحروب وخاصّة في أوكرانيا من اجل التحريض على الكنيسة الروسيّة وبطريركها وتكريس التشرذم والانقسامات في كنيستنا .

إنّ كنيستنا اليوم بحاجة الى الرحمة الإلهيّة وإلى التدخّل الإلهي وهذا ما نصلّي من أجله في القدس أمام القبر المقدّس في فترة عيد القيامة لكي يصون كنيستنا من اعدائها المنظورين والغير المنظورين ونحن بحاجة الى الحكماء من رؤساء الكنائس وهم موجودون لكي يسعوا من أجل معالجة ما وصلت إليه كنيستنا الأرثوذكسيّة في العالم بسبب التدخّلات الغربيّة الهادفة لفرض وقائع كنسيّة غير قانونيّة وغير شرعيّة .