غبطة البطريرك الأنطاكي يوحنّا العاشر والمتروبوليت أنطونيوس يزوران معتمديّة الكنيسة الروسيّة بدمشق
دائرة الاتّصالات في قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو،23/01/22
في الحادي والعشرين من كانون الثاني الجاري، أقام غبطة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنّا العاشر ورئيس قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو المتروبوليت أنطونيوس خدمة تقديس الماء في كنيسة القدّيس إغناطيوس الحامل الإله التابعة لمعتمديّة الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة بدمشق مع صلاة خاصّة لشفيع هذه الكنيسة المقدّسة. شاركهما أعضاء الوفد الروسيّ وبعض الأساقفة المعانين لغبطة البطريرك يوحنّا العاشر. كما حضر الصلاة سعادة السفير الروسيّ في الجمهوريّة العربيّة السوريّة السيّد إيفيموف والمدير التنفيذيّ لمؤسّسة حفظ التراث والثقافة المسيحيّة السيّد سكوبينكو.
رحّب الأرشمندريت فيليب بالضيوف، وأعرب عن أمله في أنّ هذه الزيارة الأولى لسيادة المطران أنطونيوس، كرئيس جديد لقسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو، لكنيسة أنطاكية ستعزّز، بالتأكيد، علاقة المحبّة بين الكنيستين الشقيقتين. وطلب من غبطته أن يذكر، دائمًا، في صلواته المقدّسة قداسة البطريرك كيريل، والمتروبوليت أنطونيوس وأبناء الجالية الروسيّة في بيروت ودمشق والكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة بأكملها.
أكّد رئيس قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو في كلمته على أهمّيّة معتمديّة الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة بدمشق، والتي تعتبر، من جهة، مكانًا للصلاة والعزاء الروحيّ للناطقين بالروسيّة الموجودين في دمشق، حيث يمكنهم القدوم ورفع الصلوات بلغتهم الأمّ. ومن ناحية أخرى، تعمل المعتمديّة على بناء جسر روحيّ خاصّ بين الكنيستين. شكر المطران أنطونيوس بحرارة غبطة البطريرك يوحنّا على اهتمامه ورعايته الأبويّة، وعلى دعمه الثابت للكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة، على شهادته للحقيقة وحفاظه على القوانين الكنسيّة المقدّسة التي تعيش بموجبها الأرثوذكسيّة على مدى آلاف من السنين.
ثمّ أعرب غبطته عن فرحه بوجود الوفد الروسيّ بدمشق، وطلب أن ينقل احترامه العميق والمحبّة الكبيرة لقداسة البطريرك كيريل بطريرك موسكو وسائر روسيا. وقال إن ّوجود معتمديّة بطريركيّة موسكو في دمشق وبيروت، ومعتمديّة بطريركيّة أنطاكية في موسكو، هو دليل على الصداقة بين الكنيستين. كما أعرب غبطته عن امتنانه للمتروبوليت أنطونيوس، وسعادة السفير الروسيّ في سوريا، وممثّلي الدولة الروسيّة، ومن خلالهم، للشعب الروسيّ بأكمله، على المساعدة والدعم اللذين يتمّ تقديمها باستمرار للكنيسة الأرثوذكسيّة الأنطاكيّة في هذا الوقت العصيب. وقد أضاف: "أريد أن أقول إنّكم، دائمًا، في قلوبنا وفي قلوب شعبي سوريا ولبنان".
بعد الانتهاء من الصلاة، زار غبطته مع الوفد الروسيّ مركز إعادة تأهيل وتركيب الأطراف الاصطناعيّة للأطفال الموجود في معتمديّة الكنيسة الروسيّة بدمشق. وحضر اللقاء، بالإضافة إلى إدارة المركز وموظّفيه ووالدي المرضى، محافظ دمشق السيّد محمّد كريشاتي وسفير الاتّحاد الروسيّ لدى الجمهوريّة العربيّة السوريّة السيّد إيفيموف.
ولاحظ آباء الأطفال - الذين تلقّوا المساعدة في المركز لتضميد الجراح التي أصابتهم من جرّاء انفجار الألغام أثناء العمليّات العسكريّة، أو الأطفال الذين فقدوا أطرافهم، أنّه بفضل أنشطة هذه المؤسّسة الطبيّة، تتحسّن صحّة أطفالهم بشكل ملحوظ. وقالوا في هذا الصدد: "من الصعب جدًّا علينا أن نعبّر بالكلمات عن مدى أهمّيّة لعبكم في حياة أطفالنا"، "لم نر مؤسّسات طبّيّة أخرى من هذا القبيل، وظهور هذا المركز أضاءنا وغيّر حياتنا في سوريا"، "شكرًا جزيلًا لكم! نتمنى لكم كلّ التوفيق ولكلّ روسيا في شخصكم". كما أعربوا عن رغبتهم في فتح مراكز تأهيل مماثلة ليس، فقط، في مدينة دمشق، ولكن، أيضًا، في مناطق سوريّة أخرى.
وشكر مدير المركز الدكتور حسن نصر الله كلّ من شارك في تنظيم أعمال هذه المؤسّسة الطبّيّة لدى معتمديّة الكنيسة الروسيّة في دمشق الداعمة لنشاطها. وشدّد على أنّ المساعدة المقدَّمة هنا للأطفال السوريّين المتضرّرين من الحرب "تؤدّي إلى تلقّي الضحايا للعلاج ومحو آثار الدماء من على وجوههم". في أقلّ من عام منذ افتتاحه، تمكّن المركز من العلاج الفعليّ لأكثر من ثلاثمائة طفل، وخضع أكثر من ستّين منهم لتركيب أطراف اصطناعيّة".
ثمّ تكلّم غبطة البطريرك يوحنّا العاشر ورحّب مؤكّدًا: "كان من المهمّ جدًّا إنشاء هذا المركز بمشاركة مباشرة من شعب روسيا الاتّحاديّة، إذ إنّ إنجاز هذا العمل العظيم ساهم في مساعدة الشعب السوريّ الشقيق. لقد تمّ ذلك حتّى تبتهجوا أنتم، يا أطفالنا الأعزّاء، وأن تتحسّن صحّتكم. بالنيابة عنكم وبالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن كنيستنا، سأوجّه كلمات الامتنان العميق للمتروبوليت أنطونيوس. شكرا، روسيا! ليحفظكم الربّ وليهبكم القوّة. نحن سعداء جدًّا لوجودكم معنا اليوم. لا يمكننا أن ننسى، أيضًا، سيادة مدير هذا المركز وكلّ أعضاء الفريق العامل. أتمنّى لكم عون الربّ وسنده".
ردًّا على ذلك، قال المتروبوليت أنطونيوس: "وبالنسبة لي، ولكلّ أعضاء الوفد الذين وصلوا إلى الأراضي السوريّة من روسيا، يسعدني أن أكون بينكم وأراكم جميعًا. لقد افتتح هذا المركز واستمرّ العمل فيه بمساندة كلّ من لدولة الروسيّة والكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة، بالإضافة إلى مساهمة كلّ أفراد شعبنا . ولعلّ من الأسباب المهمّة في ذلك أنّنا نؤمن ونعرف صدق شعبي روسيا وسوريا وروابط الصداقة والأخوّة التي تجمعهما. ولا ريب في أنّ الأمر يجب يكون على ها المنوال دائمًا، أي إذا ابتهج أخ فرح به الآخر، وإذا واجهت أخ صعوبات، فينبغي على الأخ الآخر، صديقه، مساعدته. هذا المركز هو أحد العلامات العديدة على صداقتنا وعلاقاتنا الأخويّة. واليوم كان من الرائع أن نسمع أن أكثر من ثلاثمائة طفل قد عولجوا، بالفعل، داخل هذه الجدران".
ولاحظ المدير التنفيذيّ لصندوق حفظ التراث والثقافة المسيحيّة السيّد سكوبينكو أنّ الاجتماع مع آباء المرضى الصغار في المركز أظهر أهمّيّة نشاط هذه المؤسّسة الطبيّة. وأشار إلى أن صندوق حفظ التراث والثقافة المسيحيّة يخطّط لمواصلة تمويل أنشطة هذا المركز في المستقبل، بما في ذلك توسيع وظائف مرفق إعادة التأهيل هذا، حيث سيتمّ تزويد الأطفال السوريّين المتضرّرين بمساعدة أكبر حتّى يتمكّنوا من العودة إلى حياتهم الطبيعيّة رغم إصاباتهم. وشكر موظّفي المركز على عملهم متمنّياً للأطفال وآبائهم التوفيق في تأهيلهم.
بعد ذلك أقيمت حفلة موسيقيّة أحياها الأطفال الذين يخضعون للعلاج في المركز وتمّ توزيع الهدايا عليهم.
وفي الختام، أجاب غبطة البطريرك ومحافظ دمشق والمتروبوليت أنطونيوس على أسئلة مراسلي وسائل الإعلام السوريّة.
***
بدأ العمل على تقديم المساعدة للأطفال المتضرّرين من النزاع السوريّ تحت رعاية قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو في العام 2018 ببركة رؤساء الكنيستين الأرثوذكسيّتين الروسيّة والأنطاكيّة. في إطار هذا البرنامج، تمّ تنفيذ تركيب الأطراف الاصطناعيّة وإعادة تأهيل الأطفال الذين فقدوا أطرافهم نتيجة انفجار القنابل والألغام. في العام 2019، تمّ إحضار عشرة أطفال من سوريا إلى موسكو، حيث خضعوا لإعادة التأهيل بنجاح، وفي آذار من العام 2020، تمّ إنشاء مركز لإعادة تأهيل الأطفال والأطراف الاصطناعيّة لدى معتمديّة الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة في دمشق. ثمّ تم الافتتاح الكبير لهذا المركز في السادس من آذار من العام 2022، خلال زيارة إلى دمشق رئيس قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة السابق المتروبوليت هيلاريون.