"البطريرك بورفيريوس محبوبٌّ من قبل جميع أساقفة الكنيسة الصربيّة"
أجرى ممثّل البطريرك الصربيّ سيادة المطران أنطونيوس أسقف مورافيتش مقابلة مع دائرة الاتّصالات في قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو، حيث تحدّث عن عمليّة انتخاب البطريرك الصربيّ الجديد بورفيريوس التي جرت في مجمع الأساقفة، وكذلك عن شخصيّة غبطته كإنسان وكأسقف.
- سيادة الأسقف أنطونيوس، لقد شاركتم مؤخّرًا في أعمال مجمع أساقفة الكنيسة الأرثوذكسيّة الصربيّة، حيث تمّ انتخاب المطران بورفيريوس متروبوليت زاغرب وليوبليانا بطريركًا جديدًا على صربيا. لو تفضّلتم وأخبرتمونا كيف تمّ انعقاد المجمع، وكيف كان الجوّ السائد فيه، وما هو شعور الأساقفة الذين اضطرّوا إلى اتّخاذ مثل هذا القرار المسؤول جدًّا.
- من المعروف أنّ انتخاب البطريرك الجديد يجب أن يتمّ بعد مرور أربعين يومًا، وليس أكثر من ثلاثة أشهر، بحسب نظام الكنيسة الأرثوذكسيّة الصربيّة، هذا مع مراعاة حقيقة واقعة بأنّ العالم كلّه يشهد جائحة متسارعة التطوّر رهيبة جدًّا. فبعد انتقال المثلَّث الرحمات البطريرك الصربيّ إيريناوس كان الوضع صعب بالنسبة إلينا، وأمّا كيفيّة تنظيم انعقاد المجمع، فكانت غير واضحة من جرّاء القلق المسيطر على الجميع: هل ينعقد المجمع أم لا؟ الشكر للربّ لانخفاض معدّل الإصابات في صربيا، ولو أتى بشكل طفيف، لهذا حدّد المجمع موعدًا لانتخاب البطريرك في 18 شباط 2021.
لذلك، وللتقيّد بالمتطلّبات الوبائيّة، ولأوّل مرّة في التاريخ، تقرّر انعقاد مجمع الأساقفة ليس في المقرّ البطريركيّ كما هي العادة، بل في سرداب من الجزء السفليّ لكنيسة القدّيس سابا في فراتشارا (بلغراد)، لأنّ حجمه يسمح بالحفاظ على المسافة اللّازمة بين أعضاء المجمع. وبسبب هذا الوباء، تغيّب ثلاث أساقفة عن هذا الاجتماع البالغ الأهمّيّة: اثنان منهم كانا مريضين، والثالث لم يستطع مغادرة أستراليا، لأنّ حدودها كانت مغلقةً. أودّ أن أشير، أيضًا، إلى أنّ الأسقف المتقدّم بالرسامة، وهو المطران لافرنتيوس أسقف شاباتسك، كان من المفترض أن يترأس هذا المجمع، لكنّه، للأسف، أصيب بالمرض في اليوم السابق، ولهذا ترأس المجمع المطران باسيليوس أسقف سريمسك.
أرغب أن أضيف بعض الكلمات عن عمليّة انتخاب البطريرك الصربيّ. في المرحلة الأولى من التصويت، تلقّى كلٌّ من الأساقفة ال47 الذين شاركوا في أعمال المجمع منشورًا به قائمة بأسماء الأساقفة، الذين وفقًا للميثاق، لهم الحقُّ في التقدُّم للإنتخاب للخدمة البطريركيّة، (القانون الأساس يقول يجب أن يكون للمرشَّح أسقفًا يتمتّع بخبرة خمس سنوات، على الأقلّ، في إدارة الأبرشيّة). وكان لدينا 30 أسقفًا أثناء الانتخاب. كما يتعيّن على الأساقفة المشاركين في الاجتماع تحديد ثلاثة مرشَّحين من يرونهم جديرين للعرش البطريركيّ.
وفي المرحلة الأولى نال المطران بورفيريوس متروبوليت زاغرب وليوبليانا على أكثريّة الأصوات: 31 صوتًا، ثمّ المطران إيريناوس أسقف باتشسك 30 صوتًا، و25 صوتًا للمطران أفرام أسقف بانيا لوكي.
بدأت، بعد ذلك، الاستعدادات للمرحلة الأخيرة أي الانتخاب بالقرعة. بعد الإعلان عن أسماء المرشَّحين الثلاثة، وضع الأسقفان (أمينَي سرّ المجمع) تحت إشراف اللجنة الخاصّة المؤلَّفة من ثلاث أساقفة، ختم المجمع على الأوراق الثلاث بأسماء المرشحين. ثمّ ختموها ووضعوها في ثلاث مغلَّفات بين أوراق الإنجيل المقدّس. أخذ، بعدها، الأرشمندريت متّى ريستانوفيتش، المدعوّ إلى المجمع من دير "سيسويفاتس"، أحد المغلَّفات من الإنجيل، وسلّمه إلى سيادة الأسقف باسيليوس رئيس المجمع، الذي أعلن اسم المطران بورفيريوس متروبوليت زاغرب وليوبليانا، بطريركًا سادسًا وأربعين للكنيسة الصربيّة. أكسيوس، مستحقّ!
وتمّ تلبيسه اللّاطية البطريركيّة وترفيعه إلى السدّة البطريركيّة.
وفُتح الظرفان الباقيان، ورأى الجميع الأسماء المكتوبة فيهما. كلّ هذا كان متوافقًا والإجراءات الواردة في النظام الرسميّ لكنيستنا.
في اليوم التالي، وفي كاتدرائيّة رئيس الملائكة ميخائيل تمّ تتويج البطريرك بورفيريوس ووضع اللّاطية البيضاء على رأسه، كما قُدِّم له انغلوبيون يحمل أيقونة القدّيس سابا كدليل على الكرامة البطريركيّة التي تنتقل من رئيس الكنيسة الصربيّة إلى أخر.
- سيّدنا، يثير اهتمامنا رأيكم الشخصيّ بقداسة البطريرك بورفيريوس. فكيف تعرّفون رئيس الكنيسة الصربيّة، وما هي صفاته كأسقف وكإنسان التي تميّزه بمناسبة الخدمة البطريركية الموكلة إليه؟
- رُسم بورفيريوس (البطريرك المستقبليّ) راهبًا في دير "ديتشاني" من قبل أبيه الروحيّ قدس الأب إيريناوس، الذي أصبح، لاحقًا، أسقفًا على باتشسك. والجدير بالذكر، أنّه كان أحد الثلاثة المرشَّحين للعرش البطريركيّ في الانتخابات الحاليّة.
وفي العام 1986 رسمه شمّاسًا إنجيليًّا المثلَّث الرحمات الأسقف بولس الذي اعتلى السدّة البطريركيّة في العام (2009+).
تخرّج قداسة البطريرك بورفيريوس من كلّيّة اللّاهوت في بلغراد، وأكمل دراسته في جامعة أثينا، حيث نال في العام 2004 أطروحة الدكتوراه. وفي العام 1999 انتقل إلى أبرشيّة باتشسك، وأصبح رئيسًا لدير "كوفيل". اتُّصف سيادته، بالحقيقة، بحياته الروحيّة العميقة، والتي أثارت احترام الإخوة له ومحبّتهم الصادقة. كما صار، لاحقًا، الأب الروحيّ للعديد من الأديرة التابعة للكنيسة الصربيّة. وفي العام 2014 انتُخب مطرانًا لزاغرب وليوبليانا.
ترأس سيادة المتروبوليت بورفيريوس قسم علم النفس الرعويّ في الكلّيّة اللّاهوتيّة في جامعة بلغراد، حيث عمل بالتدريس حتّى انتخابه للعرش البطريركيّ الصربيّ . وهو الذي أسّس جمعيّة لعلاج الإدمان، وعُرف كخبير لامع في موضوع الطوائفالمهدِّمة.
عرفت، شخصيًّا، المطران بورفيريوس (أي قداسة البطريرك) لسنوات عديدة. إنّه شخص كريم ومهمّ ولطيف ومحبوب من جميع أساقفة الكنيسة الصربيّة، كما اتّضح ذلك من المرحلة الأولى من الانتخاب البطريركيّ. فلقد حصل على 31 صوتًا من مجموع أعضاء مجمع الأساقفة البالغ عددهم 47. يسعدني جدًّا أنّ أغلبيّة الأساقفة تدعم رئيسهم.
لقد نوّه قداسة البطريرك بورفيريوس، والذي تمّت رسامته الرهبانيّة في كوسوفو، في كلمته الأولى بعد تنصيبه على العرش البطريركيّ بإنّ أولويّة خدمته ستكون في الحفاظ على كوسوفو وميتوهيا في إطار دولة صربيا وتحت رعاية الكنيسة الأرثوذكسيّة الصربيّة. وبالنسبة لكلّ صربي، فإنّ كوسوفو هي القلب روحانيّة الشعب الصربيّ ومهدها وأصول دولة صربيا.
وعندما نتحدّث عن قداسة البطريرك الصربي بورفيريوس يجب أن نشير إلى خدمته في كرواتيا. لأنّ هذه المنطقة هي منطقة جيوستراتيجيّة وصعبة جدًّا، وبخاصّة بالنسبة إلى الصربيّين. فإنّه من المعروف أنّ العلاقات بين الصرب والكروات تطوّرت بطريقة معقَّدة جدًّا، وبالأخصّ، نتيجةً لأحداث الحرب العالميّة الثانية، عندما أعلنت دولة كرواتيا استقلالها في عام 1941 وأنشأت معسكر اعتقال "ياسينوفاتس" في صيف العام عينه، حيث قُتل 700 ألف شخص كان معظمهم من الجنسيّة الصربيّة.
وهكذا سنحت الفرصة لسيّدنا بورفيريوس للقيام بخدمته في عاصمة كرواتيا، ليكون جسرًا بين الدولتين، وبما في ذلك، الشعب أيضًا. عندما تكون موجودًا في مكان كهذا، فإنّه من الصعب عليك جدًّا إيجاد كلمات لائقة لا تؤذي بها شعور من يعيشون أو سيعيشون هناك، وفي نفس الوقت تذكر المأساة الرهيبّة التي جرت. أتذكّر بعضًا من كلمات البطريرك هيرمانوس (1991+) الرعائيّة بعد خدمة الجناز في ياسينوفاتس: "يجب علينا، كمسيحيّين، أن نغفر لإخوتنا، بيد أنّنا كبشر لا يمكننا أن ننسى الإبادة الجماعيّة المرعبة التي ارتُكبت ضدّ شعبنا ".
فبعد وفاة المثلَّث الرحمات المطران يوحنّا متروبوليت زاغرب وليوبليانا (2014+)، واجهت كنيستنا سؤالًا صعبًا: من يجب أن يتمّ تعيينه في زاغرب؟ لأنّ هذه الأبرشيّة هي من أصعب أبرشيّات كنيستنا. فنحن بحاجة، أوّلًا، إلى التواصل مع ممثّلي السلطات. وثانيًا، مع ممثّلي الكنيسة الكاثوليكيّة في كرواتيا، والتي نشكو من نزاع معها حول إمكانيّة تقديس الكاردينال ألويزي ستيبيناتسا. فالكروات يرغبون في إعلان قداسة هذا الكاردينال، الذي ببركته تمّت الإبادة الجماعيّة للصربيّين خلال سنوات الحرب. والكنيسة الصربيّة لن تقبل، طبعًا، بهذا. وبفضل الجهود الخاصّة التي بذلتها إدارة الكنيسة الصربيّة، سُمع صوتنا في الفاتيكان، وتمّ تأجيل إعلان القداسة لبعض الوقت. فإنّ الأمر المشجِّع هو أنّ البابا فرانسيس قال في هذه المناسبة إنّ القديس يجب أن يكون "قدّيس المحبّة والسلام وليس الكراهية".
في ذلك الحين، أي في العام2014 تمّ اختيار سيّدنا بورفيريوس، الذي قام بهذا العمل الصعب بامتياز. وحال دون تقسيم المشاركين إلى كاثوليك وأرثوذكس، كما ألقى محاضرات مشتركة بين الطرفين في مدرستنا في زاغرب. وهناك، اجتمع رجال الدين الكاثوليك والعلماء والمؤمنون العاديّون لإجراء محادثات مع سيّدنا بورفيريوس، فوجدوا فيه رجلًا وصديقًا وأبًا وصانع سلام وزارع المحبّة وليس الكراهية.
- سيّدنا، كيف تقيّمون، الآن، العلاقات بين الكنيستين الروسيّة والصربيّة؟ وكيف ستتطوّر هذه العلاقات في عهد البطريرك الجديد بورفيريوس؟
- إنّ صربيا اليوم بعد كلّ الأحداث الصعبة التاريخيّة، هي الدولة التي تتطوّر اقتصاديًّا بنجاح، وهذا، أوّلًا وقبل كلّ شيء، يعود إلى جهود الرئيس ألكسندر فوتشيتش، الذي يقيم علاقات دوليّة واسعة. وهكذا، تتطوّر، أيضًا، علاقاتنا الأخويّة مع روسيا والكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة.
فإنّ أوّل من تلقّى التهاني عبر الهاتف، بعد انتخاب سيّدنا بورفيريوس للعرش الصربيّ البطريركيّ، كان قداسة البطريرك كيريل وصاحب السيادة المتروبوليت هيلاريون. لقد أسعدت هذه التهاني البطريرك بورفيريوس جدًا، وشعر بدعم كبير ومحبّة للشعب السلافيّ العظيم وروسيا العظمى. لذلك، أعتقد أنّ العلاقات الأخويّة، التي حافظ عليها البطاركة الصربيّون بشكل تقليديّ مع الكنيسة الروسيّة، ستستمرّ من قبل البطريرك المنتخب حديثًا، اتّباعًا للمسار الذي سلكه شعبانا - الروسيّ والصربيّ - على مدى قرون طويلة.
تحدّث مع سيّدنا أنطونيوس إفجين ستريلتشيك