رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي: "العراق ليس العراق بدون المسيحيين"

استقبل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الخميس 18 شباط، أعضاء مجلس رؤساء الطوائف المسيحيّة الموجودة في دول الشرق الأوسط. وقد علق قائلاً "العراق ليس العراق بدون المسيحيين. نحن العراقيون أقوياء في تعددنا الثقافي والديني، وسنبقى رمزاً للتعايش والتسامح والمواطنة الحقيقية، رغم كل خطط الجماعات الارهابية التي فشلت في تدمير بلدنا الرائع. إن وجود مجتمعات مسيحيّة أصلية في العراق منذ العصور المسيحية الأولى تؤكد على الانفتاح الذي يميّز الحضارات التي نشأت منذ العصور القديمة في بلاد ما بين النهرين." - نشر agenzia fides.
شدد السيد مصطفى الكاظمي على الاختفاء التدريجي للمجتمعات المسيحيّة الأصليّة في العراق، وهذا الأمر لفتت الكنيسة الروسية الانتباه له مرارًا كثيرة في السنوات الأخيرة. وهذا ما أكدته دائماً إدارة الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسية.
حماية مسيحيي الشرق الأوسط هي من أوّل اهتمامات الأنشطة الخارجيّة لبطريركية موسكو. ومن الأشياء الأساسية هي العلاقة الطيبة مع مسيحييّ الشرق المستمرة عبر القرون، فمن الواجب دعم الأخوة المتألمين والعناية بالأماكن المقدّسة في الشرق الذي هو مهد الكتاب المقدّس.
نقطة انطلاق العلاقات الحاليّة بين الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة ومسيحيي العراق هي زيارة العراق في أذار 2002، قام بها رئيس قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركية موسكو مطران سمولينسك وكالينينغراد المتروبوليت كيريل (الآن قداسة البطريرك كيريل)، تمت اللقاءات مع سلطات الدولة العراقيّة، ومع رؤساء الطوائف المسيحيّة والمسلمة في هذا البلد، وتمت الزيارة إلى بغداد والموصل ونينوى القديمة التي لم تكن مدمرةً في ذلك الحين من الإرهابيين. أعرب حينها صاحب القداسة عن قلقه إزاء الوضع الإنساني في العراق وأوضاع المسيحيين العراقيين، لذلك طالب برفع العقوبات ومنع الفوضى في هذا البلد.
في وقتٍ قريب من الزيارة واجه العراق عدواناً عسكرياً غير مسبق، ونتيجةً لذلك تركه الملايين من سكانه. حتى عام 2003 كان في العراق أكثر من (1.5) مليون مسيحي. وفقًا لعدة تقديرات انخفض عددهم حاليًا إلى عشرة أضعاف، إي أصبحوا (150) ألفًا. لهذا السبب يشدد ممثلو الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة على أهمّية مسألة الوضع المسيحي العراقي في السنوات الأخيرة في جميع الاجتماعات الدبلوماسيّة، وكذلك في الحوارات مع الكنيسة الكاثوليكيّة والكنائس البروتستانتيّة. بالتعاون مع المنظمات المسيحيّة يبقى ممثلو قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركية موسكو في اتصال دائم مع ممثلي جميع الطوائف المسيحيّة في العراق، خاصّة بعد أن أصبحت العلاقات وطيدة بين بطريركية موسكو والكنيسة الآشورية التي هي من أقدم كنائس ما بين النهرين.
على مدى الثلاثين عامًا التي مضت، زار روسيا العديد من أساقفة وإكليروس هذه الكنيسة، سواء خلال الزيارات الرسميّة التي نظمتها الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة أو في رحلات رعويّة، ونستطيع القول إنه منذ القرن التاسع عشر نشأت جالية آشوريّة في روسيا، معظمها في مناطق موسكو وروستوف وفي إقليم كراسنودار. الأراضي الروسية تُعتبر إحدى الولايات القانونيّة والإداريّة التي يوجد فيها رعية رئيسية للكنيسة الآشوريّة المشرقية وهي "أبرشية سائر العراق ورابطة الدوّل المستقلة"، وهذا ما يجمع روحيًا الشعب الروسي والعراقي. فإنّ المكان الرمزي لوجود مسيحيّ بلاد ما بين النهرين في موسكو هو كنيسة "رقاد العذراء مريم" التابعة لكنيسة المشرق الآشوريّة، التي تم بناؤها بمساعدة الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة في عام 1998.
في العام 2014 زار روسيا البطريرك الكاثوليكوس مار دنخا الرابع خننيا. نتيجةً للاتفاقات بينه وبين قداسة البطريرك كيريل خلال لقائهم، تمّ انشاء لجنة حوار بين الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة وكنيسة المشرق الآشوريّة (وفقاً لقرار المجمع الروسي المقدّس في عام 2015). حتى يومنا هذا التأمت أربعة اجتماعات لهذه اللجنة، ويتطور التفاعل المتبادل في جميع المجالات الأساسية للتعاون المشترك بين الكنيستين.
دعم مسيحيو العراق هو الهاجس الأساسي لإدارة الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في اتصالاتها مع ممثلي الديانات الأخرى والسلطات المحلية في هذا البلد. في نيسان2015 التقى رئيس قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة مع رئيس مجلس النواب العراقي سليم عبدالله الجبوري والوفد المرافق له من البرلمانيين العراقيين، وأعرب رئيس قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركية موسكو عن قلقه إزاء محنة المسيحيين في العراق. أولى سيادة المتروبوليت هيلاريون اهتمامًا خاصًا لتحركات ما يسمى بالدولة الإسلامية (داعش، وهي منظمة محظورة في روسيا)، والتي نفذت في تلك الفترة عمليات انتقامية قاسية ضد السكان المحليين.
في شباط 2015 التقى سيادة المتروبوليت هيلاريون بعضو البرلمان العراقي يونادم كنا، الذي قدّر كثيراً دور روسيا والكنيسة الأرثوذكسية الروسية في عملية حفظ السلام في العالم وشدد على أنّ المسيحيين في الشرق الأوسط ينظرون إلى روسيا بأمل كبير. تحدّث سيادة المطران هيلاريون عن الجهود المبذولة من الكنيسة الأرثوذكسية الروسية لحماية المسيحيين في الشرق الأوسط، إضافة إلى تزويدهم بالمساعدات الإنسانية، وأكد سيادته أنّ هذا العمل سيستمر في المستقبل.
في اجتماع رؤساء الأديان العالمي في أستانا الذي تم في تشرين الأول 2018 قال سيادة المتروبوليت هيلاريون: "أتكلم من هذا المنبر وأود أن أدعو جميع المشاركين في هذا المؤتمر إلى توحيد الجهود لإعادة إعمار سوريا والعراق بعد الحرب. هذه البلدان التي تملك أقدم تراث ديني وثقافي، عانت أكثر من غيرها بسبب الأعمال الإرهابية حيث تم تدمير مئات الكنائس والمساجد المستشفيات والمدارس، وتشرد ملايين الأشخاص ولم يكن لديهم طعام. ولكي يتمكن أهل البلد من العودة إليه يجب أن يملك حماية أمنية ووظائف وبنية تحتية واجتماعية.
ببركة قداسة البطريرك كيريل بطريرك موسكو وسائر روسيا في أذار 2018 زار قدس الأب إستيفانوس (أغومنوف) مدير سكريتارية العلاقات بين المسيحيين في قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة (بطريركية موسكو) بغداد وإقليم كُردستان، بمرافقة ممثل كنيسة المشرق الآشوريّة في روسيا الاب صامانو (قديشو). الهدف الأساسي لهذه الزيارة إجراء مشاورات وإقامة تفاعل مع رؤساء الطوائف الدينيّة وممثلي الحكومة العراقية، لمواصلة عمل الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في العراق، من خلال دعمها للسكان الذين يعانون من ضيقات معيشية. التقى الوفد مع ممثلي سلطات الدولة العراقيّة وإقليم كُردستان.
من أهم نتائج هذه الزيارة كان اجتماع الوفد مع (مجلس رؤساء الطوائف المسيحية في العراق) في بغداد، وقد دار الحديث حول أوضاع المسيحيين في العراق وصعوبة المعيشة والجانب الأمني الرديء نتيجة التدخل العسكري الخارجي والهجمات الإرهابية. وشدد رؤساء الطوائف أن سياسة الدول الغربية لا تنفع بلادهم، وأن المسيحيين والأقليات العرقية والدينية الأخرى في العراق ينتظرون المساعدة من روسيا والكنيسة الأرثوذكسية الروسية. نقل المشاركون في الاجتماع كلمات الامتنان العميق إلى قداسة البطريرك كيريل بطريرك موسكو وسائر روسيا على الاهتمام الذي أولاه لاحتياجاتهم، وشُكرَهم العميق لرئيس قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركية موسكو سيادة المتروبوليت هيلاريون، الذي يدافع باستمرار عن حقوق المسيحيين المضطهدين في مختلف الاجتماعات الدولية.
زار روسيا وفد ممثلي مجلس رؤساء الطوائف المسيحيّة في العراق الذي يضم جميع رؤساء الطوائف المسيحية في العراق في تشرين الثاني من عام 2018. التقى أعضاء الوفد ممثلي سلطات الدولة الروسية، كما شاركوا في الحلقة المستديرة التي نظمها قسم العلاقات الخارجية الكنسية في بطريركية موسكو حول موضوع "وضع الطوائف الدينية في العراق" والتي انعقدت في معهد اللاهوت للدراسات العليا والدكتوراه.
في لقاء الوفد مع قداسة البطريرك كيريل أكد قداسته أنّه يبذل قصار جهده لدعم المسيحيين العراقيين، ولكنه عبّر عن قلقه العميق حول تدمير المقدسات المسيحية القديمة الواقعة في العراق وقال: " نحن قلقون جداً بما يحدث الآن في سهل نينوى، حيث توجد العديد من المدن المسيحية التي تدمرت وتدنست كنائسها. ونحن الأن هاجسنا الأول هو استعادة المقدسات المسيحية في الشرق الأوسط وعودة المسيحيين إلى العراق، وكذلك إلى سوريا وغيرها من الأماكن التي عاش فيها المسيحيين والآن تم طردهم بسبب الحرب والنزاعات المدنيّة".
سيستمر دعم الكنيسة الأرثوذكسية الروسية للمسيحيين العراقيين. وتخصص إدارة العلاقات الكنسيّة الخارجية مكانًا مهمًا لهذا التوجه في عملها الخارجي.
دائرة الاتصالات في قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة