بطريرك موسكو وسائر روسيا يشارك في حفل استقبال في وزارة الخارجيّة الروسيّة بمناسبة عيد الفصح

دائرة الاتّصالات في قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو 05/20/2025

في 20 أيّار، بمناسبة عيد الفصح، بمقرّ وزارة الخارجيّة في الاتّحاد الروسيّ بموسكو، أقيم حفل استقبال كبير بمناسبة عيد الفصح المجيد حضره شخصيّات دينيّة ورؤساء البعثات الدبلوماسيّة الأجنبيّة والدبلوماسيّون الروس والأجانب، بالإضافة إلى ممثّلين عن إدارة الرئيس الروسيّ، وحكومة الاتّحاد الروسيّ، ومجلس الاتّحاد للجمعيّة الفيدراليّة للاتّحاد الروسيّ، ومجلس الدوما في الجمعيّة الفيدراليّة للاتّحاد الروسيّ، والمنظّمات العامّة.

كما حضر هذا اللقاء الاحتفاليّ قداسة البطريرك كيريل بطريرك موسكو وسائر روسيا، فاستقبله سعادة وزير خارجيّة الاتّحاد الروسيّ    سيرغي لافروف.

ومن طرف الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة شارك في هذا الحدث، أيضاً، رئيس قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة، المطران أنطونيوس متروبوليت فولوكولامسك، وكهنة وموظّفو قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة. بالإضافة إلى ممثّلي الكنائس الأرثوذكسيّة المحلّيّة لدى بطريرك موسكو: الكنيسة القدسيّة الأرشمندريت ستيفان (ديسبيراكيس)، والكنيسة الأرثوذكسية في الأراضي التشيكيّة وسلوفاكيا الأرشمندريت سيرافيم (شيماتوفسكي).

وفي كلمته الافتتاحيّة أمام الحاضرين في الاجتماع التقليديّ في وزارة الخارجيّة، هنّأ لافروف الجميع بعيد القيامة المجيدة قائلا إنّ عيد الفصح هو عيد أرثوذكسيّ رئيسيّ ورمز التجدّد الروحيّ والأملّ والإيمان". كما وجّه كلمات التهنئة إلى الحاضرين بمناسبة الذكرى الثمانين لعيد النصر، وأشار بشكل خاصّ إلى دور الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة خلال الحرب الوطنيّة العظمى وخاصّةً في الحفاظ على ذكرى الجنود الراقدين في الصلاة الكنسيّة.

وتكلّم لافروف عن الوضع في أوكرانيا، مشيراً إلى أنّ بعد الاستيلاء العنيف على السلطة في العام 2014، تمّ إلغاء، بشكل متواصل، كلّ ما يرتبط بروسيا: اللغة والثقافة والتقاليد الروسيّة ووسائل الإعلام الناطقة باللغة الروسيّة.

لم يتوقّف اضطهاد الأرثوذكسيّة القانونيّة لسنوات عديدة، بل استمرّ ضد أكبر طائفة في الدولة الأكرانيّة وهي الكنيسة الأرثوذكسيّة الأوكرانيّة برئاسة المتروبوليت أونوفريوس، وتساهم السلطات بتصفيته القانونية بشكل كامل. كما وتستمرّ عمليّات الاستيلاء على الكنائس والتخريب والاعتداء على الكهنة والمؤمنين المحلّيّين الأرثوذكس.

والدليل على هذه السياسة هو إساءة استغلال مشاعر المؤمنين من خلال تنظيم أعمال حصر وإثبات القيمة التاريخيّة والعلميّة لرفات القدّيسين في دير لافرا الكهوف بكييف، ومن المعروف أنّ هذه المهمّة تقع على عاتق الأطبّاء البيطريّين.

ومع ذلك، أشار وزير الخارجيّة، تتمّ مثل هذه التجديفات بموافقة ودعم من العديد من الدول الأوروبيّة ذات الاتجاهات النازيّة الجديدة والشيطانيّة.

وقال لافروف بهذا الصدد: "أودّ أن أؤكّد لجميع الحاضرين أنّ روسيا لن تترك الشعب الأرثوذكسيّ في أوكرانيا في هذه الكارثة، وستعمل على ضمان احترام حقوقهم القانونيّة واستعادة الأرثوذكسيّة القانونيّة مكانتها المركزيّة في الحياة الروحيّة للشعب على الأراضي الأوكرانيّة. إنّ الضمانة لتحقيق هذه الأهداف هي موقف الاتّحاد الروسيّ من التوصل إلى تسويّة عادلة للأزمة الأوكرانيّة التي خلقها الغرب.

وأكّد أنّ الدولة الروسيّة، بما في ذلك وزارة الخارجيّة، ستواصل توحيد جهودها على الساحة الدوليّة مع الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة. هذا، ويسعدنا أنّ الأنشطة الإبداعيّة لبطريركية موسكو تتوسّع في أجزاء كثيرة من العالم، كما نشهد تطوير الإكسارخوسيّات البطريركيّة في أفريقيا وجنوب شرق آسيا، وعدد من الرعايا الأجنبيّة.

وتابع لافراف: "نحن نقدّر الجهود الكثيرة التي تبذلها قداستكم لتعزيز وحدة المؤمنين الأرثوذكس في حماية المسيحيّين من تهديدات الإرهاب والتعصّب الدينيّ. وممّا يثير القلق، بشكل خاصّ، الوضع في الشرق الأوسط، وخاصّة في سوريا، حيث تقوم الجماعات المسلّحة المتطرّفة بتنفيذ عمليّات تطهير عرقّيّ وقتل جماعيّ للأشخاص على أساس الجنسيّة والدين.

كما أشار لافروف، أيضاً، إلى أنّ وزارة الخارجيّة تقدر مساهمة الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة في تحسين الوضع في الشؤون العالميّة ومنع تعميق خطوط الانقسام على أسس عرقيّة وأديان مختلفة. وأعرب عن الاستعداد لتوسيع التعاون بشكل أكبر للقضايا المختلفة التي تساهم في دعم مبادئ الخير والعدالة وتعميق التعاون الدوليّ الواسع النطاق.

ثمّ توجّهّ قداسة البطريرك كيريل، بطريرك موسكو وسائر روسيا، بكلمة هنّأ فيها الحاضرين بعيد الفصح المجيد، وشكر وزارة الخارجيّة الروسيّة على العودة إلى تقليد تنظيم مثل هذه اللقاءات بمناسبة عيد الفصح، والتي اضطرّت إلى التوقّف بسبب جائحة الكورونا العام 2020.

وشدّد قداسته، بشكل خاصّ، على أهمّيّة الذكرى الثمانين للنصر العظيم الذي يتمّ الاحتفال به هذا العام والذي تحقّق بفضل بطولة الجنود وملايين العاملين في ساحة الحرب. تقيم الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة تذكار كلّ من أعطى حياته من أجل حرّيّة شعبنا وتشكّر الربّ على هبة السلام التي حصلنا عليها بثمن غالٍ.

وقال قداسته بشكل خاصّ: "تواصل الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة التي تضمّ ملايين الأشخاص من مختلف البلدان والمقيمين في جميع القارّات، خدمتها في عالم لا متغيّر فحسب بل، أيضاً، في عالم أصبح مقلقاً بشكل متزايد".

وأشار البطريرك كيريل بأسف عميق إلى تدهور الحياة الدينيّة وتدمير العائلة كمؤسّسة في المجتمع، التي هي على وجه الخصوص مظهر من مظاهر أعظم قيمة يمتلكها الإنسان بمشيئة الله، وهي هبة المحبّة، التي تُلاحظ في الدّول الغربيّة. وفي رأيه، فإن هذه العمليّات المدمّرة تشكل خطراً على المجتمع الإنسانيّ، بما في ذلك حياة الدول والشعوب.

كما أعرب قداسة البطريرك كيريل عن قلقه العميق بما يتعلّق بالوضع في أوكرانيا، وخاصّةً وضع الكنيسة الأرثوذكسيّة الأوكرانيّة، التي تتعرّض لخطر التصفيّة القانونيّة والتدمير الفعليّ لرعاياها.

وأشار قداسته إلى أن الدول الغربيّة تصمت عن انتهاكات الحقوق والحرّيّات الدينيّة لعدد كبير من الناس في أوكرانيا.

وأضاف البطريرك كيريل أنّ السلطات في كييف تقلق بسبب الدعاية الدوليّة للاضطهاد، ويتمّ إنفاق أموال كبيرة لتبرير القانون الذي يحظّر الكنيسة القانونيّة، وتُنشر مقالات في المجلات الغربيّة ذات السمعة الجيّدة، ويتمّ تنظيم زيارات الشخصيّات الدينيّة الأوكرانيّة إلى الولايات المتّحدة وأوروبا، ليؤكدوا أنّ أوكرانيا هي بلد يحفظ الحرّيّة الدينيّة، وأنه لا يوجد أي اضطهاد هناك.

إنّ العمل الدوليّ في مجال حفاظ على حقوق الإنسان يسبب مشاكل للسلطات الأوكرانيّة، ويمنعها من التحرّك نحو التدمير النهائيّ للأرثوذكسيّة الأوكرانيّة. لذلك، يجب على كلّ من يعمل في هذا الاتّجاه، حتّى لو لم تكن النتائج الفوريّة ملحوظة، أن يفهم أنّ هذا هو أحد العوامل التي يمكن أن توقف تدمير إحدى أكبر الطوائف الدينيّة في العالم الأرثوذكسيّ.

كما أشار قداسة البطريرك كيريل، إلى إنّ برامج الاضطهاد ضدّ كنيستنا، التي بدأتها قوّات معاديّة لروسيا في بلدان العالم الغربيّ، يتمّ تنفيذها حاليّاً، بالإضافة إلى أوكرانيا، في مولدوفا ودول البلطيق، وخاصّة في إستونيا. وعلى وجه الخصوص، في 9 نيسان 2025، اعتمد البرلمان الإستونيّ تعديلات على قانون الكنائس والرعايا، ممّا يحظّر رعايا بطريركيّة موسكو في البلاد.

وأكّد قداسته: "من أين جاءت الأرثوذكسيّة إلى إستونيا؟ ليس من الصين وليس من باريس. هذه هي الأرثوذكسيّة الروسيّة، وقد تربّى جيل بعد جيل من الأرثوذكس في هذه القيم الأرثوذكسيّة، وحضر صلوات رعايا الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة. 

وأشار قداسة البطريرك، أيضاً، إلى أنّ السلطات الليتوانيّة تواصل الاستعداد لتنفيذ السيناريو الإستوني. وفي لاتفيا، أعلن البرلمان "استقلال" الكنيسة الأرثوذكسيّة على الرغم من أنّ الكنيسة في البلاد منفصلة قانونيّاً عن الدولة. هناك انتهاك واضح للحقوق والحرّيّات الدينيّة، ودستور البلد. وماذا نرى؟ الصمت المطلق. ولكن لا يجب علينا أن نبقى صامتين، لا على مستوى المؤسّسات العامّة، ولا على مستوى الدولة. ويجب مناقشة هذا الأمر، بما في ذلك على المنصّات الدوليّة. وهذا انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والحرّيّات الدينيّة، كما أنّه انتهاك لقوانين البلاد باسم إنشاء نظام قمع لطائفة دينيّة محددّة (وفي هذه الحالة الأكبر).

وفي مولدوفا، وعلى خلفيّة رعاية سلطات ما يسمّى مطرانيّة بيسارابيا التابعة للبطريركيّة الرومانيّة، تزايدت الضغوط السياسيّة على أساقفة الكنيسة الأرثوذكسيّة المولدوفيّة. وأشار قداسته إلى أنّ خلال أسبوع الآلام الماضي منعت خدمات الحدود رئيس الأساقفة ماركيلزيارة الأراضي المقدّسة للمشاركة في خدمة فيض النور المقدّسة. ويتعرّض رجال الدين بشكل واضح لعمليّات تفتيش واستجواب مهينة عند عبور حدود الدولة.

وتابع قداسته: "إنّ مظاهر التمييز الصارخ التي يواجهها مؤمنونا تنتظر ردّاً مناسباً وتقييماً عادلاً من المجتمع الدولي. وأوّد أن أشير إلى أنّ في الحوار مع قيادة وممثّلي العديد من الطوائف المسيحيّة والدينيّة العالميّة، تجد الكنيسة الروسيّة تفهمّاً لمخاوفها واستعداداً للعمل معاً لحمايّة حرّيّة الدين".

وفي كلمته، تطرّق قداسة البطريرك كيريل إلى موضوع الاتّصالات بين المسيحيّين، وخاصّة العلاقات مع الكنيسة الكاثوليكيّة. ولاحظ قداسته، أيضاً، أنّ العلاقات مع عدد من الطوائف البروتستانتيّة في أوروبا تمرّ بأزمة بسبب ابتعاد جزء كبير منها بشكل خطير عن الأسّس المسيحيّة للحياة والعلمانيّة. وفي نفس الوقت، أشار قداسته إلى أنّ المجتمعات المسيحيّة في بلدان الجنوب العالمي تلتزم في الغالب بالآراء التقليديّة بشأن مسائل العائلة والأخلاق العامّة.

هذا وأضاف: "إن تعاون كنيستنا مع الكنائس الشرقيةّ القديمة هو تعاون مهمّ وقائم على الثقة المتبادلة. ويتحدّث رؤساؤهم وممثّلوهم الساميّون عن دعمهم للأرثوذكسيّة القانونيّة في أوكرانيا ويدينون الإجراءات التمييزيّة ضدّ كنيستنا".

وأشار، أيضاً، إلى أنّ تطوير العلاقات مع الكنائس الشرقيّة القديمة الموجودة في أرمينيا ومصر وسوريا ولبنان والعراق والهند وأثيوبيا وإريتريا يشكّل عاملاً مهمّاً في تعزيز روابط روسيا والكنيسة الروسيّة مع الشعوب والجماعات الدينيّة في هذه البلدان.

وختم البطريرك كيريل قائلا: "في جميع الأوقات لم يكن من السهل اتّباع وصايا الله. لكنّ هذه القدرة والإرادة لدى الإنسان تساعد على تحويل العالم المحيط على أساس الإيمان واللطف والرحمة والعمل الصادق والإبداع وعلاقات حسن الجوار والاحترام المتبادل بين الشعوب".