زيارة حجّ لوفد من رهبان الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة إلى مصر
دائرة الاتّصالات في قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو 17/11/2024
في 7 تشرين الثاني 2024، ببركة قداسة بطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل وبدعوة من قداسة بطريرك الكنيسة القبطيّة تواضروس الثاني، زار وفد من رهبان الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة برئاسة إكسارخوس بطريرك موسكو وسائر روسيا في أفريقيا المتروبوليت قسطنطين مصر لزيارة الأماكن المرتبطة بتاريخ نشأة وازدهار الرهبنة المسيحيّة، وكذلك للتعرّف على الحياة المعاصرة لأديرة الرجال والنساء التابعة للكنيسة القبطيّة. نُظّمت الرحلة في سياق تطوير التفاعل بين الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة والكنيسة القبطيّة في إطار أنشطة لجنة الحوار بين الكنيستين.
ترأس الوفد الإكسارخوس البطريركيّ في أفريقيا سيادة المتروبوليت قسطنطين مطران زرايسك، وضمّ الوفد الروسيّ: أسقف كراسنوسلوبودسك وتيمنيكوفسك كليمنضس، ووكيل أكسارخوسيّة بطريركيّة موسكو في أفريقيا الأسقف أوثيميوس مطران لوخوفيتسي، مدير سكريتاريّة العلاقات بين المسيحيّين وسكرتير لجنة الحوار بين الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة والكنيسة القبطيّة الراهب الكاهن ستيفان (إيغومنوف)، بالإضافة إلى عدد من رؤساء ورئيسات أديرة ورهبان وراهبات الكنيسة الروسيّة من مناطق مختلفة.
في 7 تشرين الثاني وصل الوفد إلى وادي النطرون بين القاهرة والإسكندريّة، مهد الرهبنة المسيحيّة.
كانت الوقفة الأولى للحجّاج في دير القدّيس مقاريوس الكبير، الذي أسّسه هذا القدّيس العظيم والمكرّم في جميع أنحاء العالم المسيحيّ العام 360. وقام المتروبوليت قسطنطين وأعضاء الوفد بالتبرّك من رفات القدّيس مقاريوس الكبير وذخائر الشهداء الأخرين الموجودة في كنائس الدير، ثمّ جرت محادثة مع إخوة الدير.
كما زار الحجّاج دير القدّيس باييسيوس الكبير (الأنبا بيشوي) الذي أسّسه حوالي العام 357. وقام الضيوف بالتبرّك من ذخائر العديد من نسّاك الكنيسة القديمة الموجودة بالدير لا سيّما القدّيس باييسيوس الكبير نفسه.وقد قام الضيوف بجولة في المركز البطريركيّ "لوغوس" الواقع على أراضي الدير وهو أحد المجمّعات الإداريّة للكنيسة القبطيّة، حيث جرت فيه العديد من الأحداث ذات الأهمّيّة التاريخيّة، بما في ذلك اجتماعات اللجنة المختلطة للحوار اللّاهوتيّ بين الكنيسة الأرثوذكسيّة والكنائس الشرقّية القديمة، كما عُقد في 16 – 17 أيلول 2024 اجتماع الكنائس الأرثوذكسيّة المحلّيّة والكنائس الشرقيّة القديمة. وكان في استقبال الحجّاج رئيس دير القدّيس باييسيوس الأنبا أغابيوس والإخوة.
ثمّ زار الحجّاج الروس دير السريان الذي أسّسه تلاميذ القدّيس باييسيوس الكبير في نهاية القرن الرابع، وزاروا قلّايته التي ترهّبن فيها سنوات طويلة. وحصل الدير على اسمه بسبب إقامة الرهبان القادمين من سوريا لعدّة قرون. كما ويرتبط بهذا الدير اسم القدّيس أفرام السريانيّ، الذي جاء إلى هنا، مرّة، للقاء القدّيس باييسيوس الكبير. واليوم، يمكن رؤية الشجرة في أراضي الدير التي تعطي ثمارها منذ أكثر من ألف ونصف السنة، وهي تنمو من عصا القدّيس أفرام العالقة في الأرض، وهي دليل حيّ على لقاء هذين القدّيسين. حافظ الدير على قلّاية الراهب باييسيوس، التي مارس فيها الصلاة المتواصلة. وفي النهاية تحدّث الحجّاج مع إخوة دير السريان.
ثمّ زار ممثّلو الرهبنة الروسيّة دير الروم (البراموس) الذي أسّسه الراهب مقاريوس الكبير حوالي العام 335 وهو أوّل دير في العالم المسيحيّ. أُطلق عليه هذا الاسم تخليداً لذكرى ولدي الإمبراطور الرومانيّ مكسيموس ودوماديوس، اللذين ترهبنا فيه في نهاية القرن الرابع. وقد رحّب إخوة الدير بممثّلي بطريركيّة موسكو بحرارة. وقام سيادة المطران القسطنطين وأعضاء الوفد بالتبرّك من ذخائر القدّيسين بفنوتيوس الكبير وموسى الأسود وإيسيذوروس المصريّ وغيرهم من آباء الوادي الذين ترهبنوا في الدير. قام الضيوف الروس بجولة في قاعة الطعام من القرن الرابع، حيث كان يحتفل الرهبان المسيحيّون الأوائل، في نهاية القدّاس، بالوجبات المشتركة قبل الذهاب إلى قلايّاتهم الصحراويّة. تحتوي هذه الغرفة على طاولة حجريّة ومقاعد للجلوس، بالإضافة إلى طاولة صغيرة يقرأ منها رئيس الدير الكتاب المقدّس للإخوة أثناء الوجبات.
في 9 تشرين الثاني وصل الحجّاج إلى القاهرة وتبرّك من مقدّسات واقعة في المركز المسيحيّ القديم بالعاصمة المصريّة. ثمّ زاروا "الكنيسة المعلّقة" الشهيرة، والتي بنيت على أنقاض القلعة الرومانيّة القديمة "بابل مصر" وكانت لفترة طويلة كاتدرائيّة بطريركيّة. وزار الضيوف كنيسة القدّيسين سرجيوس وباخوس حيث تبرّكوا من ذخائر الشهداء المسيحيّين الأوائل. تمّ بناء هذه الكنيسة في القاهرة في القرن الرابع فوق المغارة التي أقامت فيها العائلة المقدّسة لمدّة ثلاثة أشهر أثناء هروبها القسريّ إلى مصر هرباً من اضطهاد القيصر هيرودس.
ثمّ كانت هناك زيارة إلى كنيسة الشهيدة العظيمة بربارة حيث يوجد جزء من ذخائرها المقدّسة، وكذلك أجزاء من ذخائر القديستين يوليانيا ودميانة وقدّيسين آخرين. بعد ذلك، تعرّف الحجّاج على معرض المتحف القبطيّ، وقاموا بزيارة متحف القاهرة القوميّ للحضارة المصريّة.
في 10 تشرين الثاني، وصل ممثّلو الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة إلى الصحراء الشرقيّة بالقرب من البحر الأحمر، حيث تقع المقدّسات العظيمة للعالم المسيحيّ كلافرا القدّيسين أنطونيوس الكبير وبولس الثيبيّ.
كانت الوقفة الأولى في دير القدّيس بولس الثيبيّ، حيث تبرّك الحجّاج من قبر القدّيس الواقع في نفس المكان الذي حفرت فيه الأسود، والتي ظهرت بأعجوبة من الصحراء، قبرًا للشيخ المتوفّى بالقرب من قلّاية الكهف التي ترهّبن فيها. تعرّف الضيوف على تاريخ الدير وتبرّكوا من مقدّساته وشاهدوا طاحونة قديمة وقاعة طعام قديمة وكذلك ينبوع القدّيس بولس الذي يتدفّق من ارتفاع حوالي 300 متر ويعطي الإخوة حوالي أربعة متر مكعب من الماء يوميًّا.
وفي نفس اليوم، احتفل المطران قسطنطين متروبوليت زرايسك، بمشاركة أعضاء الوفد الكهنة، بالقدّاس الإلهيّ في كنيسة الدير على اسم القدّيس مرقس الناسك، واحتفل الوكيل البطريركيّ في أفريقيا الأسقف إوفيميوس بالقدّاس في رعيّة القدّيس سيرجيوس في القاهرة.
استقبل رئيس الدير المطران دانيال وهو أيضًا رئيس اللجنة البطريركيّة للأديرة والرهبان في الكنيسة القبطيّة ممثّلي بطريركيّة موسكو استقبالًا حارًّا.
في 11 تشرين الثاني، زار الحجّاج دير القدّيس أنطونيوس الكبير. وصعد أعضاء وفد بطريركيّة موسكو إلى الجبل وزاروا قلّايّة القدّيس أنطونيوس التي ترهّبن فيها نحو سبعين عاماً، ممارساً الصلاة. وقام الحجّاج بزيارة كنائس الدير وتبرّك من المقدّسات الموجودة فيها، كما زاروا متحف الدير ونبع القدّيس أنطونيوس. كما تواصلوا مع إخوة الدير.
في 13 تشرين الثاني، عاد ممثّلو الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة إلى القاهرة. وفي الطريق، وفي العاصمة الإداريّة الجديدة لمصر، زاروا كاتدرائيّة ميلاد السيّد المسيح، وهي واحدة من أكبر الكاتدرائيّات في العالم المسيحيّ، والتي تمّ افتتاحها وتكريسها في السادس من كانون الثاني 2019 بحضور الرئيس المصريّ السيسي.
في 14 تشرين الثاني، زار الوفد المركز الإداريّ للبطريركيّة القبطيّة في حيّ العباسيّة بالقاهرة والتقى برئيس الكنيسة القبطيّة قداسة البطريرك تواضروس الثاني.
وفي مساء اليوم نفسه، حضر أعضاء الوفد افتتاح الاجتماع الخامس للجنة الحوار بين الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة والكنيسة القبطيّة.
وفي 15 تشرين الثاني، غادر أعضاء الوفد إلى روسيا.
خلال الزيارة رافق الوفد رئيس دير الأنبا توما والقدّيس الشهيد فيكتور بخطاطبة الأنبا سايروس وممثّل الكنيسة القبطيّة في روسيا الراهب الكاهن داود الأنطوني ومستشار قداسة البطريرك تواضروس أنطون ميلاد وممثّلو رهبنة الكنيسة القبطيّة.