القدّاس الاحتفاليّ في يوم تذكار القدّيس سرجيوس رادونيج برئاسة قداسة البطريرك كيريل في دير لافرا الثالوث القدّوس
دائرة الاتّصالات في قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو 18/07/2024
في 18 من تمّوز 2024، في يوم عيد اكتشاف ذخائر القدّيس سرجيوس رادونيج (1422)، احتفل قداسة بطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل بالقدّاس الإلهيّ في ساحة دير لافرا الثالوث القدّوس.
أقيمت الخدمة أمام أيقونة القدّيس سرجيوس العجائبيّة. وللاحتفال بصلاة الغروب والقدّاس الإلهيّ، أنشئت منصّتان الواحدة في ساحة الدير، والأخرى أمام كاتدرائيّة رقاد السيّدة.
وشارك في الاحتفالات مع قداسته مجلس أساقفة الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة، بالإضافة إلى أساقفة وكهنة الكنائس الأرثوذكسيّة المحلّيّة: المتروبوليت نيفن مطران شهبا ممثّل بطريرك أنطاكية وسائر المشرق لدى بطريرك موسكو وسائر روسيا، والأسقف ستيفان ممثّل بطريرك صربيا لدى بطريرك موسكو وسائر روسيا، الأرشمندريت سيرافيم (شمياتوفسكي) ممثّل الكنيسة الأرثوذكسيّة للأراضي التشيكيّة وسلوفاكيا لدى بطريرك موسكو، والكاهن دانييل أندريوك ممثّل الكنيسة الأرثوذكسيّة في أمريكا. كما احتفل مع قداسته رهبان كهنة من دير لافرا الثالوث القدّوس وكهنة من أبرشيّة موسكو. وحضر الصلاة رؤساء أديرة والرهبان والرهبات والعديد من الحجّاج.
ورتّلت الترانيم الليتورجيّة جوقة مشتركة من دير لافرا الثالوث القدّوس وأكاديميّة موسكو اللّاهوتيّة بقيادة الراهب نيستور (فولكوف).
وفي نهاية القدّاس، تلا قداسة البطريرك وأعضاء المجمع المقدّس للكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة والمطارنة الذين وصلوا إلى اللّافرا للمشاركة في الاحتفال، صلاة لقدّيس سيرجيوس.
من المنصّة التي في ساحة الدير، توجّه رئيس الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة إلى المشاركين بالكلمة التاليّة:
"أصحاب السيادة وقدس الآباء، أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء!
في هذا اليوم المبارك لكنيستنا، ولا أخشى أن أقول لوطننا، أودّ أن أرحّب بكم جميعًا بحرارة في مكان ترهّبن فيه القدّيس سرجيوس رادونيج.
إنّ مثال القدّيس سيرجيوس يشهدون بالقوّة الإلهيّة، لأنّه كما يقول الإنجيل إنّ الله بقوّته يستطيع أن "يُقِيمَ مِنْ هذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَدًا لإِبْراهِيمَ" (متّى 3:9). ويستطيع الربّ وحده أن يحوّل راهبًا متواضعًا إلى زعيم أمّة عظمة، لذلك أصبح الراهب سيرجيوس رجلًا قادرًا على إلهام الناس للقتال في أصعب لحظة في تاريخ الوطن. وليس فقط للإلهام، بل لإقناعهم والتأكيد بانتصار وطننا الأم. وفَهم الجميع بأنّ دعوة الأب سيرجيوس إلى الحرب ليست من أجل الدمار، وإنّما من أجل الخلاص. وهذا الإيمان لدى الناس بالقوّة النبويّة للقدّيس سيرجيوس، في نقاوة سيرته، في جهاده الروحيّ، أصبح الإشارة التي ألهمت جنودنا حقًا، ووجهتهم إلى "ميدان كوليكوفو"، حيث تمّ تحقيق النصر. عندئذٍ، وبصلوات القدّيس سرجيوس، تمكّن جيشنا من الدفاع عن وطننا ومن ثمّ طرد العدوّ.
في بعض الأحيان، ولتحليل بعض الأحداث التاريخيّة، يستخدم العلماء، وهو أمر صحيح تمامًا من وجهة نظرهم، تقييمًا للاحتمالات بأنّه لم يكن لدى جيشنا الفرصة للانتصار على العدو. لذلك، فإنّ المؤرّخين يكنّون الاحترام العميق للقدّيس سرجيوس، وبالطبع، لشجاعة وبطولة جنودنا، الذين حقّقوا نصرًا حقيقيًا على العدوّ. تشهد هذه القصة بأنّ "قُوَّة الله فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ" (2 كور 12:9). بل ما هو الضعف؟ إذا كان الضعف يأتي من كسلنا، من إحجامنا عن التعلّم، من إحجامنا عن القيام بهذا الجهاد، فلا فائدة منه، بل هو ضرر لكلّ كسول وللأشخاص الذين حوله.
يشجع الربّ دائمًا من يسير في الطريق نحو النتيجة المطلوبة. هذا أمر يجب علينا جميعًا أن نفهمه جيّدًا: إنّ نعمة الله لا تجعلنا أبناء إبراهيم مجّانًا، ولا تمنحنا النصر تلقائيًّا، وبالتالي يجب أن نتذكّر مغبّة النتائج التي تقع على عاتقنا. وهذا لا ينطبق على المحاربات المصيريّة أو بعض اللحظات التاريخيّة، وحسب، بل أيضًا على لحظات كثيرة من أنشطتنا الشخصيّة ومن أعمالنا، وخدمتنا للربّ والكنيسة.
لذلك، صحيح أنّنا نتوكّل على إرادة الله، ومن خلال الصلاة ندعو نعمته، وإنّما من واجبنا أن نعمل تحن أيضًا بجدّ. والآن، وبشكل خاصّ، أعتقد أنّ هذه الدعوة للعمل لها أهمّيّتها الكبرى، إذ ما يحدث في العالم، اليوم، مخيّف. نرى رفضًا حقيقيًّا لوجود لله ورفض الوصايا الإلهيّة. وليس مجرد رفض، لأنّهم رفضوا في الماضي، بل هناك رغبة في بناء حضارة عالميّة قويّة بدون الله وبدون أي استسلام لمشيئته، إنّما الاعتماد، فقط، على القوة البشريّة الخاصّة.
ونعلم من العهد القديم أنّ محاولات كهذه، في بناء برج بابل مثلًا، لم تتحقق. لذا، فإنّ هذه المحاولة لخلق عالم مزدهر يخلو من الله لا معنى لها. ويسعدني أنّ المزيد والمزيد من أفراد شعبنا يفهمون هذا، إذ من خلال تجربتهم الشخصيّة أصبح الإيمان أقوى لديهم، وباتوا يدركون أنّه في الواقع، كما يقول المثل الروسيّ: "بدون الله، لا يمكن فعل أيّ شيء".
وأريد أن أقول، مرّة أخرى، أتمنّى أن يمنّ الربّ برحمته الواسعة بالحفاظ على السيادة الحقيقيّة لبلدنا وحرّيّته واستقلاله، وبالتالي ضمان ازدهاره الروحيّ والمادّيّ. وكلّ صلواتنا في هذا اليوم، في هذا الوقت المصيريّ، يا أصحاب السيادة الأعزّاء، أن يقدّرنا الربّ، لي ولكم، على القيام بالخدمة الرعويّة كما يجب. أيّها الآباء الأجلّاء، أذكركّم بهذا أيضًا، لكي يقوم الجميع بالخدمة الرعويّة بجدّ، دون أن يدخروا جهدًا في سبيل ذلك. وبالتوجّه إلى المؤمنين، إلى شعبنا، أحثّهم على الحفاظ على الإيمان الأرثوذكسيّ، والسعي لتنظيم حياتهم الشخصيّة والعائليّة والاجتماعيّة والحكوميّة وفقًا لناموس الربّ. ألا آزرنا الربّ الإله في كلّ ما نقوم به.
فبشفاعات أبينا القدّيس سرجيوس رادونيج، الصانع العجائب، ليحمِ الربّ أرضنا وكنيستنا وحكّامنا وشعبنا من كلّ دنس وشرّ. آمين".
بعد ذلك توجّه قداسة البطريرك كيريل إلى كنيسة الثالوث القدّوس في الدير حيث تبرّك من ذخائر القدّيس سرجيوس وأيقونة الثالوث القدّوس التي رسمها تلميذه القدّيس أندريه روبليف.
ثمّ التقى رئيس الكنيسة الروسيّة، لفترة وجيزة، بالمشاركين في المؤتمر الدوليّ "إتّحاد الشبيبة الأرثوذكسيّة" الذي يُعقد في هذه الأيّام في مدينة سيرغييف بوساد.
وفي القاعة البطريركيّة في دير اللافرا، قدّم قداسته الجوائز الكنسيّة لأساقفة وكهنة الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة الذين يحتفلون بتذكارات مميّزة هذا العام.