الاحتفال الأوّل لموسيقى شعوب الشرق المسيحيّ في موسكو
دائرة الاتّصالات في قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو 05/06/2024
في الثاني من حزيران الجاري، في متحف الفنّ الكنسيّ وفي مجمع الكنيسة الأرمنيّة لتجلّي الربّ في موسكو، أقيم الاحتفال الأوّل للموسيقى الدينيّة لشعوب الشرق المسيحيّ تحت العنوان "مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلَى الدَّهْرِ".
إنّ منظِّمي الاحتفال الموسيقيّ الأساسيّين هم الأبرشيّة الروسيّة للكنيسة الرسوليّة الأرمنيّة، وقسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو ومعهد الدراسات العليا والدكتوراه للقدّيسين كيرلّس وميثوديوس. بالإضافة إلى اللجنة المنظّمة التي ضمّت ممثّلين عن رعايا الكنائس الشرقيّة القديمة الأخرى العاملة في موسكو ككنيسة السيّدة العذراء مريم (كنيسة المشرق الآشوريّة)، ورعيّة القدّيس مرقس الرسول للكنيسة القبطيّة، وجمعيّة شباب مؤمني الكنيسة القبطيّة للثالوث القدّوس، ووكالة الإعلام "جمعيّة تعزيز الوحدة المسيحيّة الشرقيّة"، العاملة تحت رعاية كنيسة مالانكارا الهنديّة.
وقد تناسب تزامن الاحتفال الأوّل مع تاريخين مهمّين في تاريخ الكنيسة الروسيّة والأرمنيّة، والذي يتمّ الاحتفال بهما في اليوم الثاني من شهر حزيران، وهما يوم ذكرى القدّيس أليكسي متروبوليت موسكو ويوم تأسيس الكاتدرائيّة في إتشميادزين.
وفي قاعة المتحف، استقبل المشاركين في الاحتفال المطرانُ يزراس نرسيسيان. ثم توجّه سيادته إلى الحاضرين بكلمة ترحيب قال فيها بشكل خاصّ: "اليوم هو وقت مميّز لشعوب شرق العالم المسيحيّ الشقيقة. يدعونا رؤساء كنائسنا الأحبّاء، أكثر من أي وقت مضى، إلى توحيد جهودنا من أجل الأمر العظيم، التطلّع إلى الخلاص الإلهيّ. وهذا التطلّع لا يمكن تحقيقه دون فضيلة المحبّة التي أوصانا بها الإنجيل المقدّس. إنّ ربّنا يسوع المسيح نفسه هو مثال المحبّة الحقيقيّة. فقط به وبمحبّته سنكون سعداء، فقط بهذا نقدر أن نخلّص نفوسنا. تدعونا المحبّة إلى أعمال الخير لجعل الحياة جميلة حقًّا. إنّ أحسن فرصة لوحدة القلوب المصلّية نراها في تراثنا الروحيّ والموسيقيّ، في الترانيم والتراتيل الكنسيّة، المليّئة بالأصوات الملائكيّة والمتنوّعة في مميّزاتها الوطنيّة والثقافيّة، والتي تكشف لنا جمال وحقيقة إيماننا المسيحي ّالمشترك".
ونيابةً عن منظّمي الاحتفال من طرف الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة، توجّه بكلمة ترحيب الأب أنطوني (كاديشيف)، نائب عميد معهد القدّيسين كيريلّس وميثوديوس للشباب والأنشطة التعليميّة، قال فيها: "منذ زمن طويل تربط كنائسنا وشعوبنا المسيحيّة علاقات وثيقة ودافئة. لقد مررنا جميعًا بتجارب صعبة كثيرة، لكنّنا تمكنّا من الحفاظ على إيماننا وعدم خسارة مميّزاتنا. إنّ وحدتنا الحقيقيّة تأتي دائمًا من ممارسة الحياة الروحيّة، ومن الانتصار على التجارب".
سبق البرنامج الموسيقيّ الترحيب المشترك من قبل ممثّلي اللجنة المنظِّمة للاحتفال، الذين أعلنوا عنوانه "مبارك الربّ إلى الدهر" باللغات الليتورجيّة لكلّ من الكنائس المشاركة: الكنسيّة السلافيّة القديمة، الأرمنيّة والسريانيّة والقبطيّة والعربيّة والأمهريّة القديمة والمالاياليّة.
افتتحت الاحتفال جوقةُ كنيسة مريم العذراء التابعة لكنيسة المشرق الآشوريّة في موسكو، حيث أدّت ترنيمة "ربّنا يسوع المسيح" التي ألّفها القدّيس أفرام السريانيّ في منتصف القرن الرابع، وترنيمة "من ترتجف أمامه الملائكة" و"لدينا أمل" للمؤلّف السوري الشرقيّ العظيم نرساي النيصيبيّ الذي عاش في القرن الخامس.
ثمّ رتلّت جوقة الأمطش البطريركيّ التي قدّمت عدداً من الترانيم الليتورجيّة لعيد الفصح على ألحان ملحنين روس بارزين.
ولأوّل مرّة على المسرح الروسي، تمّ أداء ترانيم مؤلّف الترانيم الحبشيّ العظيم من القرن السادس يارد المرنّم وطلّابه كحفلة موسيقيّة. رافقت جوقة جمعيّة شباب من المؤمنين بالكنيسة الأثيوبيّة في موسكو عروضهم بمقطوعات صوتيّة ورقصيّة وعزف على الآلات الموسيقيّة المستخدمة في الخدمات الأثيوبيّة، بما في ذلك أحد الأنواع التقليديّة للطبول الأفريقيّة.
قدمت جوقة مدرسة "كوتايام" اللّاهوتيّة التابعة لكنيسة مالانكارا أداءً أمام المشاركين وضيوف الاحتفال عبر الفيديو، مقّدمة الترنيمة الروحيّة للمسيحيّين الهنود.
وقامت جوقة كاتدرائيّة التجلّي للأبرشيّة الروسّية للكنيسة الرسوليّة الأرمنيّة بأداء سلسلة من الترانيم الكنسيّة، بما في ذلك الترانيم الليتورجيّة لمؤلّفين أرمن مشهورين في عصور مختلفة.
كما شارك فريق "كيليكيا" كضيف خاصّ، حيث أدّى الأناشيد العربيّة الشائعة بين المسيحيّين السوريّين واللبنانيّين من مختلف الطوائف. وخاصّةً، الترنيمة الشهيرة "عذراء مريم يا أمّ الإله".
وفي نهاية الاحتفال، أقيم حفل رسميّ لتوزيع الشهادات على فرق الكورال المشاركة بقيادة المطران يزراس.
كما تضمن برنامج الاحتفال زيارة المعارض المقامة في قاعات المتحف، والتي تحتوي على مجموعة من الآثار والتحف الفريدة والملابس الليتورجيّة والأعمال الفنيّة لكل ّمن الكنائس المشاركة. كما تمّ عرض مجموعات محدثة من فن الكنيسة الآشوريّة والملانكاريّة لأوّل مرّة.
ومن قبل الكلّ، تمّت الموافقة على تنظيم مثل هذا الاحتفال الموسيقيّ بشكل سنويّ. ومن المخطَّط أن يقام الاحتفال في العام 2025 بشكل أعظم، في موقع كنيسة السيّدة العذراء مريم الأشوريّة في موسكو، وسيتمّ توقيته ليتزامن مع الذكرى الـ 1700 للمجمع المسكونيّ الأوّل في نيقية والذكرى الثمانين لعيد الانتصار في الحرب الوطنيّة العظمى.
***
إنّ الاحتفال "مبارك الربّ إلى الدهر" هو مشروع جديد يتمّ تنفيذه في سياق الدورة التدريبيّة المشتركة بين قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو ومعهد للدراسات العليا للقدّيسين "الكنائس الشرقية القديمة" ويهدف إلى المساعدة في تعزيز العلاقات الأخويّة القديمة بين روسيا وشعوب الشرق المسيحيّ القديمة. عنوانه هو اقتباس مباشر من المزمور 88 الذي يختتم الكتاب الثالث من سفر المزامير.