الوفد الرهبانيّ الروسيّ برئاسة المطران إيسيذوروس يزور أديرة وادي النطرون
دائرة الاتّصالات في قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو 03/06/2024
في الفترة الممتدّة بين الثلاثين من أيّار والأوّل من جزيران 2024، قام وفد من رؤساء الأديرة والرهبان من الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة برئاسة متروبوليت سمولينسك إيسيذوروس، في زيارة حجّ إلى مصر، بزيارة أديرة وادي النطرون، حيث في بداية القرن الرابع نشأت الرهبنة المسيحيّة.
كانت الوقفة الأولى للحجاج في دير القدّيس مقاريوس الكبير، الذي أسّسه هذا القدّيس العظيم والمكرّم في جميع أنحاء العالم المسيحيّ العام 360. وقام المتروبوليت إيسيذوروس وأعضاء الوفد بالتبرّك من رفات كلّ من القدّيسين مقاريوس الكبير وبفنوتيوس الكبير وبيمين الكبير والنبيّ يوحنّا المعمدان والنبيّ أليشع وغيرهم من القدّيسين الكبار، الموجودة في كنائس الدير. وأيضاً تبرّكوا من رفات 51 شهيدًا المستشهدين في القرن الخامس، وكان 49 منهم من إخوة الدير، الذين رفضوا مع رئيسهم الهروب من البرابرة الذين هاجموا الدير واختاروا الموت من أجل المسيح. واستشهد معهم اثنان من لاحجّج العلمانيّين من القسطنطينّية: أحد نبلاء المحكمة الإمبراطوريّة وابنه زيوس البالغ من العمر تسع سنوات. وبحسب الأسطورة، رأى الشابّ بشكل عجائبيّ ملائكة تنزل من السماء وتضع تيجانًا لامعة على الشهداء، فتمنّى لنفسه هذا العمل الفذّ، ودفع والده إلى دخول الدير ومشاركة مصير المستشهدين. ويشهد إخوة الدير حالات شفاء مرضى ومعجزات أخرى لا تزال تحدث بصلوات هؤلاء القدّيسين.
كما صلّى الحجّاج الروس أمام أيقونة والدة الإله، التي تبرّع بها للدير في نهاية القرن التاسع عشر الإمبراطور نيقولاي الثاني.
ثمّ زار الحجّاج دير القدّيس باييسيوس الكبير (الأنبا بيشوي) الذي أسّسه حوالي العام 357. وقام الوفد بالتبرّك من ذخائر العديد من نسّاك الكنيسة القديمة الموجودة بالدير لا سيّما القدّيس باييسيوس الكبير نفسه. كما زار قبر قداسة البطريرك القبطيّ شنودة الثالث (1971-2012) المدفون هنا، والذي يرتبط بشخصيّته عصر مهمّ في تطوّر الكنيسة القبطيّة. وكان في استقبال الحجّاج رئيس دير القدّيس باييسيوس الأنبا أغابيوس والإخوة. وجرى حوار مطول دار خلاله موضوع تنظيم الحياة الرهبانيّة في الأديرة الروسيّة والقبطيّة.
وفي دير السريان الذي أسّسه تلاميذ القدّيس باييسيوس الكبير في نهاية القرن الرابع، زار الحجّاج قلّايته التي ترهّبن فيها سنوات طويلة ممارسًا الصلاة المتواصلة. كما ويرتبط بهذا الدير اسم القدّيس أفرام السريانيّ، الذي جاء إلى هنا، مرّة، للقاء القدّيس باييسيوس الكبير. واليوم، يمكن رؤية الشجرة في أراضي الدير تعطي ثمارها منذ أكثر من ألف ونصف السنة، تنمو من عصا القدّيس أفرام العالق في الأرض، وهي دليل حيّ على لقاء هذين القدّيسين.
ثمّ زار ممثّلو الرهبنة الروسيّة دير الروم (البراموس) الذي أسّسه الراهب مقاريوس الكبير حوالي العام 335 وهو أوّل دير في العالم المسيحيّ. أُطلق عليه هذا الاسم تخليداً لذكرى ولدي الإمبراطور الرومانيّ مكسيموس ودوماديوس، اللذين ترهبنا فيه في نهاية القرن الرابع. قام أعضاء الوفد بالتبرّك من ذخائر القدّيسين بفنوتيوس الكبير وموسى الأسود وإيسيذوروس المصريّ وغيرهم من آباء الوادي الذين ترهبنوا في الدير. كما صلّوا أمام العمود الذي كان القدّيس أرسانيوس الكبير (وهو العمود الذي بقي حتّى الآن هذا اليوم في رواق الكنيسة الرئيسيّة)، يقف خلفه مصليّاً بتواضع لسنوات طويلة ممارسًا الصمت.
قام الضيوف الروس بجولة في قاعة طعام من القرن الرابع، حيث كان يحتفل الرهبان المسيحيّون الأوائل، في نهاية القدّاس، بالوجبات المشتركة قبل الذهاب إلى قلايّاتهم الصحراويّة. تحتوي هذه الغرفة على طاولة حجريّة ومقاعد للجلوس، بالإضافة إلى طاولة صغيرة يقرأ منها رئيس الدير الكتاب المقدّس للإخوة أثناء الوجبات. من بين المباني الواقعة في أراضي الدير، أبرزها القلعة المميّزة للأديرة المصريّة القديمة، والتي خدمت الرهبان للدفاع ضدّ العديد من الهجمات التي كان يشنّها اللصوص البدو.
وفي نهاية إقامتهم في الوادي، زار وفد الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة دير القدّيس توما، وهو ناسك مصريّ من القرن الخامس، حيث كان في استقبال الضيوف رئيس الدير.
وخلال زيارتهم إلى الوادي، أقام الحجّاج في المركز البطريركيّ والمجمعيّ "لوغوس" الواقع على أراضي دير بيسيوس الكبير، أحد المجمّعات الإداريّة للبطريركيّة القبطيّة، حيث جرت فيه العديد من الأحداث ذات الأهمّيّة التاريخيّة، بما في ذلك اجتماعات اللجنة المشتركة للحوار اللّاهوتيّ بين الكنيسة الأرثوذكسيّة والكنائس الشرقيّة القديمة، وكذلك عقد اجتماعات المجمع المقدّس للكنيسة القبطيّة بانتظام.
وبعد ذلك، سيستمرّ الحجاج في زيارتهم إلى مقدّسات مصر الوسطى والوادي حول البحر الأحمر.