وفد من كهنة ورهبان الكنيسة الأرثوذكسية الروسيّة يزورون أماكن مقدّسة مسيحيّة في مصر
دائرة الاتّصالات في قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو، 11/16/2023
في الفترة ما بين السابع والخامس عشر من تشرين الثاني، ببركة قداسة بطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل وبدعوة من قداسة بطريرك الكنيسة القبطيّة تواضروس الثاني، قام وفد من الكهنة والرهبان التابعين لبطريركيّة موسكو بزيارة مصر بغرض الحجّ إلى الأماكن المرتبطة بتاريخ ظهور وازدهار الرهبنة المسيحيّة، وكذلك من أجل التعرّف على الحياة الحديثة لأديرة الرهبان والراهبات في الكنيسة القبطيّة.
وتمّت هذه الزيارة في سياق تطوير الحوار بين بطريركيّة موسكو والكنيسة القبطيّة في إطار أنشطة لجنة الحوار الثنائيّة.
وترأس الوفد رئيس أساقفة أباكان وخاكاسيا يونافان، وقد ضمّ: رئيس أساقفة كوريا ثيوفانوس، الأسقف كالينيكوس راعي أبرشيّة بخشيساراي ووكيل في أبرشيّة سيمفيروبول، مدير سكرتارية العلاقات بين المسيحيّين الأب ستيفان (إيغومنوف)، رئيسة دير مارثا ومريم لأعمال الرحمة في موسكو الأمّ إليذابيتا (بوزدنياكوفا)، رئيسة ورشة رسم الأيقونات في أبرشيّة أباكان الأمّ إيكاترينا (سولوفييفا)، كهنة من أبرشيّة أباكان: الكاهن ألكسندر إيلين، الأب بالادي (فينيكوف)، الكاهن بافيل كوزمين، الكاهن يوري زاتكين، الكاهن رومان موغيلات، الكاهن أرتيمي موغيلات، الراهبة ماريا (أرتامكينا)، الراهب أناتولي (زافيرتكين)، موظّف في أبرشيّة سيمفيروبول السيّد ليبيوحين.
وفي السابع من تشرين الثاني وصل الوفد إلى القاهرة حيث استقبله في المطار وكيل قداسة البطريرك القبطيّ تواضروس الثاني رئيس دير الأنبا موسي الأسود المطران ساويرس وممثّل الكنيسة القبطيّة في روسيا الأب داود الأنطوني، مع كهنة ورهبان من الكنيسة القبطيّة.
عند وصولهم إلى القاهرة، زار الحجّاج الروس المركز المسيحيّ التاريخي للمدينة - كنيسة الشهدين سرجيوس وباخوس، والذي يوجد تحته مغارة حيث أقامت العائلة المقدّسة، وكنيسة القدّيسة الشهيدة بربارة حيث يوجد جزء من ذخائرها وأجزاء من ذخائر الشهيدتين يوليانيا ودميانا وغيرهم من قدّيسي القرون الأولى للعصر المسيحيّ، وديراً قبطيّاً للقدّيس جاورجيوس اللّابس الظفر (مار جرجس)، و"الكنيسة المعلّقة" القبطيّة الشهيرة المبنيّة على أنقاض القلعة الرومانيّة القديمة "بابل مصر" والتي كانت، لفترة طويلة، كاتدرائيّة للبطاركة الأقباط، والمتحف القبطيّ وكنيسة السيّدة العذراء مريم في المعادي، والتي تمّ تشييدهما في الموقع الذي، وفقًا للأسطورة، تمكنّت فيه العائلة المقدّسة من النجاة من مطارديها أثناء تجوالها عبر مصر وعبورها إلى الجانب الآخر من نهر النيل.
وفي الثامن من تشرين الثاني وصل الوفد إلى وادي النطرون الواقعة بين القاهرة والإسكندريّة وهي مهد الرهبنة المسيحيّة.
كانت المحطّة الأولى دير القدّيس مكاريوس الكبير، هذا الدير، الذي يرقى تاريخه إلى العام 360 م، إنّه مكان الجهاد الروحيّ الموصوف في كتاب الباتيريكون المصريّ وضريح أحد مؤسّسي الرهبنة. تبرّك رئيس أساقفة يونافان وأعضاء الوفد من ذخائر القدّيس مكاريوس الموجودة في كنيسة الدير، بالإضافة إلى القدّيسين الرهبان بافنوتيوس الكبير وبيمن العظيم ويوحنّا كولوف (القصير)، والعديد من قدّيسي الله الآخرين الذين ترهبنوا هنا. ثمّ تمّ لقاء مع رهبان الدير.
ثمّ قام الوفد بزيارة دير السيّدة العذراء البراموس الذي أسّسه القدّيس مكاريوس الكبير حوالي العام 335، وهو أوّل دير في العالم المسيحيّ. والجدير بالذكر أنّ القدّيسين مكسيموس ودوماديوس، ولدَي الإمبراطور الرومانيّ فالنتينيان، ترهبنا هنا في نهاية القرن الرابع تحت إشراف القدّيس مكاريوس. رحّب إخوة الدير بممثّلي الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة بحرارة، برئاسة الراهب الذي يشغل الآن منصب أسقف في أوروبا الغربية - المطران لوقا من جنيف وشمال فرنسا. وتبرّك أعضاء الوفد من رفات القدّيسين بفنوتيوس الكبير وموسى الأسود وإيسيذورس وغيرهم من آباء الوادي الذين ترهبنوا في الدير بالإضافة إلى مكان مآثر أرسينيوس الكبير. وقام بجولة في الكنائس وغرف المرافق، ومن بينها قاعة الطعام التي بُنيت في القرن الرابع، حيث كان يجتمع فيها الرهبان الأوائل بعد نهاية القدّاس حول مائدّة مشتركة، ثمّ يعودون إلى قلاليهم ثانية.
وفي نفس اليوم، زار الوفد دير السيّدة العذراء السريان، الذي أسّسه تلاميذ الراهب باييسيوس الكبير في نهاية القرن الرابع في المكان الذي توجد فيه قلّايته البعيدة. ترهبن في هذا الدير، لعدّة قرون، رهبان سوريّون. يرتبط اسم القدّيس أفرام السريانيّ، الذي قصد المكان، ذات مرّة، للقاء القدّيس باييسيوس الكبير، فصار له ارتباط وثيق بهذا الدير القديم. حتّى اليوم، يمكننا أن نرى، في أراضي الدير، شجرة نمت من غرس عصا القدّيس أفرام لا تزال تعطي ثمارًا لأكثر من ألف عام ونصف. ويتّصف الدير بتقليد التوحّد الكامل. وفي الدير توجد، أيضاً، قلّاية القدّيس بايسيسيوس حيث قام بأداء الصلاة المتواصلة لعدّة أيّام. كما وتمّ لقاء مع رئيس الدير والإخوة.
في العاشر من تشرين الثاني زار وفد بطريركيّة موسكو، أيضًا، دير القدّيس بايسيوس الكبير (الأنبا بيشوي)، الذي أسّسه هذا القدّيس قرابة العام 357.
وتبرّك الوفد من رفات العديد من قدّيسي الكنيسة القديمة الموجودة بالدير. وقام المطران يونافان وأعضاء الوفد بجولة في المركز البطريركيّ والمجمعيّ "لوغوس" الواقع على أراضي الدير - أحد المباني الإداريّة للبطريركيّة القبطيّة، حيث جرت فيه العديد من الأحداث ذات الأهمّيّة التاريخيّة، بما في ذلك اجتماعات اللجنة المشتركة للحوار اللّاهوتيّ بين الكنيسة الأرثوذكسيّة والكنائس الشرقيّة القديمة، كما تعقد بانتظام اجتماعات المجمع المقدّس للكنيسة القبطيّة. وجرى، بعد ذلك، لقاء مع رئيس دير القدّيس باييسيوس المطران أغابيوس والإخوة.
وفي مساء اليوم نفسه، بعد مغادرة وادي النطرون، وصل الحجّاج إلى منطقة الماريوت بالقرب من الإسكندريّة. وهنا زار الوفد دير الشهيد العظيم مينا الذي استشهد من أجل المسيح في القرن الثالث وتمجّد بمعجزات كثيرة. وهي اليوم واحدة من أكبر المراكز الرهبانيّة ومكان للحجّ في الشرق المسيحيّ. والتقى الضيوف برئيس الدير المطران كيرلّس وإخويّته، وقاموا بزيارة قبر قداسة البطريرك كيريل السادس الذي تقدسّه الكنيسة القبطيّة، وتعرّفوا على الأنشطة الاقتصاديّة للدير والتي تشمل، بشكل خاصّ، إنتاج زيت الزيتون والجبن ومعالجة الرخام.
وفي الحادي عشر من الشهر، عاد الحجّاج إلى القاهرة وزاروا دير الكنيسة القبطيّة الذي يرجع تاريخه إلى العصور الوسطى باسم الشهيد القدّيس ميرقوريوس (أبو سيفين)، حيث استقبلتهم الرئيسة والأخوات بحرارة.
في الثاني عشر من الشهر احتفل المطران يوناثان، بمشاركة عدد من أعضاء الوفد الكهنة ومسؤول على رعايا الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة في مصر الأب أليكسي ماشكوف، بالقدّاس الإلهيّ في كنيسة الشهيد مينا –رعيّة بطريركيّة موسكو بالقاهرة. وصلّى أثناء الخدمة أبناء رعية الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بالقاهرة، ومن بينهم موظّفو سفارة الاتّحاد الروسيّ في مصر.
وفي نهاية القدّاس قام المطران يونافان والوفد المرافق بزيارة كاتدرائيّة القدّيس مرقس الرسول الواقعة على أراضي المقرّ البطريركيّ، حيث تبرّك من رفات المنير الرئيس للأرض المصريّة وبقايا القدّيس أثناسيوس الإسكندريّ غير القابلة للفساد. كما زار الوفد الروسيّ كاتدرائيّة الرسولين بطرس وبولس الواقعة على أراضي البطريركيّة القبطيّة، وتفقّد المعرض المتحفيّ المخصّص لشهداء الكنيسة القبطيّة الجدد.
وفي نفس اليوم، زار الوفد دير الشهيد العظيم بالقاهرة ثيوذروس قائد الجيش (الأمير تادرس الشطبيّ)، حيث استقبلتهم رئيسة الدير الأمّ إدروسيس والأخوات. هناك تبرّك الحجّاج من ينبوع القدّيس أونوفريوس الكبير الواقع على أراضي الدير، والذي حسب الأسطورة، تمّ الكشف عنه ذات مرّة من خلال صلوات هذا القدّيس، وأيقونة تدفق زيت الشهيد العظيم ثيوذروس قائد الجيش، وغيرها من المقدّسات المحفوظة بعناية هنا.
وفي المساء وصل الوفد إلى الصحراء الشرقيّة (العربيّة) القريبة من البحر الأحمر، حيث توجد لافرا القدّيس أنطونيوس الكبير والقدّيس بولس الثيبيّ.
وفي الثالث عشر من تشرين الثاني زار الوفد دير القدّيس بولس الثيبيّ (الأنبا بولا). وعلى أبواب الدير الرئيسيّة، استقبل الضيوف بحرارة رئيس الدير المتروبوليت دانيال رئيس اللجنة البطريركيّة للأديرة والرهبانيّة بالكنيسة القبطيّة، والذي سبق له أن زار روسيا عدّة مرّات كرئيس للوفود الرهبانيّة القبطيّة. زار الضيوف الروس كنيسة القدّيس بولس، حيث تبرّكوا من قبر الناسك المثبّت في نفس المكان الذي ظهرت فيه الأسود بأعجوبة من الصحراء، وحفرت قبراً للناسك المتوفّي في قلّاية الكهف حيث ترهبن قدّيس الله.
في الرابع عشر من الشهر، وفي نهاية إقامتهم في الصحراء الشرقيّة، زار الحجّاج الروس لافرا القدّيس أنطونيوس الكبير مؤسّس الرهبنة في مطلع القرن الرابع، الذي تمّ بناؤه في مكان جهاد القدّيس الروحيّ في قلّاية كهفيّة بالقرب من الجبل، والذي يعتبر أحد أهمّ أماكن الحجّ المسيحيّ منذ فترة طويلة. تسلّق أعضاء الوفد الجبل، حيث استقبلهم رئيس الدير المطران يوست، وتبرّكوا من قلّاية القدّيس أنطونيوس، التي عاش فيها قرابة السبعين عامًا، ورتّلوا طروباريّته.
وفي الخامس عشر من تشرين الثاني، غادر الوفد إلى القاهرة، وبعد توقّف قصير في العاصمة المصريّة، غادر إلى موسكو.