مجمع بطريركيّة أنطاكيّة: يتعرّض أبناء الكنيسة الأرثوذكسيّة الأوكرانيّة لاضطهاد من قبل السلطات المحلّيّة بسبب إيمانهم
دائرة الاتّصالات في قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو،25/10/2023
صدر بيان عن المجمع الأنطاكيّ المقدّس المنعقد برئاسة غبطة البطريرك يوحنّا العاشر (يازجي) - في دورته العاديّة الرابعة عشرة ودورته الاستثنائيّة السابعة عشرة في البلمند ما بين 16 و21 تشرين الأوّل 2023 – كرّر فيه الآباء المجتمعون دعوتهم لوقف الحروب والنزاعات في كلّ العالم، لاسيما في أوكرانيا، مصلّين من أجل المتروبوليت أونوفري، رئيس الكنيسة الأرثوذكسيّة الأوكرانيّة المعترِفة التي يتعرّض أبناؤها لاضطهاد من قبل السلطات المحلّيّة بسبب إيمانهم.
وقد نظر الآباء إلى ما يجري في العالم الأرثوذكسيّ عموماً، ودعوا جميع الكنائس إلى التلاقي والتوافق، مؤكّدين أنّ الأرثوذكسيّة تسمو على القوميّات وتتجاوزها لإعلان مجد الله في خلقه.
في بداية دورة المجمع المقدّس، تناول الآباء، أوّلاً، قضيّة مطراني حلب بولس (يازجي) ويوحنّا (إبراهيم) المختَطفَين منذ نيسان 2013، وتوجّهوا إلى أبنائهم وبناتهم الأنطاكيّين، لكي يحملوا المطرانين المخطوفين في صلواتهم، ويستمرّوا برفع الصوت من أجل قضيّتهما. كما واستنكروا الصمت الدوليّ المطبق الذي يغلّف تلك القضيّة التي أكملت عقداً من الزمان. ودعوا إلى فكِّ لغز هذا الملفّ الذي يختصر شيئاً ممّا يعانيه إنسان هذا الشرق من ويلات.
ووقف آباء المجمع المقدّس على المشهد الدامي في "شرقنا الحبيب، وفي غمرة المآسي التي تحيط بنا من كلّ جانب، ورغم كلّ الإحباط واليأس، لا بدّ من التذكير أنّ الإنسان مكلّف من الله أن يصيّر الأرض واحة سلام، لا أن يحوّلها جحيماً".
وفيما يتعلّق بالأحداث المأساويّة التي تشهدها فلسطين حاليّاً، أكّد أعضاء المجمع: تدين الكنيسة الأنطاكيّة الحصار المفروض اليوم على الشعب الفلسطينيّ وعلى قطاع غزّة تحديداً، وتستنكر وتشجب الإبادة الجماعيّة المرتكبة فيه تحت أنظار العالم. إنّ ما يجري من عنفٍ هو نتيجة عدم احترام القوانين والقرارات الدوليّة في تطبيق العدالة. وهو استمرارٌ لتزييف هويّة الأرض والتاريخ، ومحاولةٌ لطمس القضيّة الفلسطينيّة العالقة. وقد رفع آباء المجمع المقدّس الصلاة الحارّة إلى ملك السلام وسيّد المراحم، أن يمسح عن عيون هذا الشعب كلّ دمعة، وأن يرفع عنه كلّ ظلم وقهر وتشريد وتهجير. هذا، وقد دعوا جميع أبنائهم إلى تخصيص يوم الأحد القادم في جميع رعايا الكرسيّ الأنطاكيّ لرفع الصلاة من أجل العدالة والسلام في بلد السلام، ولجمع مساعدات من أجل إغاثة هذا الشعب المنكوب.
وبما أنّ الظروف الحاليّة تتطلّب زيادة الصلاة والتعاون، قرّر المجمع المقدّس للكنيسة الأرثوذكسيّة الأنطاكيّة إعادة الشركة الكنسيّة مع بطريركيّة القدس، وإنشاء لجنة للتواصل مع إخوة كنيسة القدس من أجل إيجاد حلّ للخلاف حول قضيّة قطر. كما قرّر المجمع إرسال وفد كنسيّ إلى عمان " للتعبير عن محبّة أبناء الكرسيّ الأنطاكيّ لأبناء بطريركيّة القدس والوقوف إلى جانبهم في هذه الظروف المصيريّة الصعبة".
وقد رفع أعضاء مجمع كنيسة أنطاكيّة الصلاة من أجل استقرار سوريا ووقف الأعمال الإرهابيّة الموجَّهة ضدّها. ودعوا إلى إنهاء الحصار الاقتصاديّ الوحشيّ، مؤكّدين أنّ الحصار يدفع السوريّين إلى الهجرة ويخلق موجة نزوح تطال دول الجوار، وخاصّة لبنان.
كما ورفعت الصلاة من أجل الاستقرار والعدالة في لبنان، ومن أجل راحة نفوس جميع قتلى انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في العام 2020.
وقد صلّى الآباء من أجل العراق ومن أجل شعوب المنطقةِ كافّةً. ودعوا إلى تغليب منطق الحوار في المنطقة بدلاً من المواجهة العسكريّة التي يدفع فاتورتها إنسان هذه الديار الذي يستحقّ رحمة الله سلماً وسلاماً وحياةً هانئة يتلمّس من خلالها مرضاة ربّه ويجسدها في حسن العلاقة مع الآخر كائناً من كان.
كرّر الآباء دعوتهم لوقف الحروب والنزاعات في كلّ العالم، لاسيما في أوكرانيا، وسأل الآباء المسيح يسوع ربّ السلام وإله كلّ تعزيةٍ أن يستأصل بمبضع مراحمه سطوة الحروب وجموح الشرور ويبلسم جراح المضنوكين والمحزونين في عالمٍ يتلوّى ويتوق إلى سلامه العذب.
كما وأعلن آباء المجمع المقدّس قداسة كاهنين شهيدين أنطاكيّين من عائلة واحدة، هما الأب نقولا خشّة، الذي استشهد في مرسين سنة 1917 وابنه بالجسد الأب حبيب خشة الذي استشهد في جبل الشيخ سنة 1948، العطِرَيِّ السيرة والحاضرّين في ضمير مؤمني الكنيسة الأنطاكيّة. وثبّت آباء المجمع تذكارهما السنويّ الجامع في 16 تمّوز تاريخ استشهاد الأب حبيب. كما قرّر آباء المجمع المقدّس إدراج القدّيس روفائيل هواويني أسقف بروكلين في الروزنامة الأنطاكيّة بناءً على الطلب المقدَّم من أبرشيّة أميركا الشماليّة الأنطاكيّة إلى المجمع المقدّس. وفي السياق نفسه، عيَّن آباء المجمع المقدس الأحدَ الذي يلي أحد جميع القدّيسين (أي الأحد الثاني بعد العنصرة) تذكاراً عامّاً لجميع القدّيسين الأنطاكيّين.
وبعد أن تناول موضوع القيم العائليّة، وقد لاحظ المجمع الأنطاكيّ المقدّس المشاكل التي تواجهها العائلات في كامل أراضي المسؤوليّة الرعويّة لبطريركية أنطاكيّة، وخاصّة تلك المتعلّقة بالأطفال والشباب، دعا الأساقفة والكهنة وجميع المؤمنين إلى التمسّك بالمبادئ الإيمانيّة والأخلاقيّة، وكذلك القيم الاجتماعيّة. وأكّدوا أنّ ذلك يحمي مؤسّسة الأسرة من مختلف التلاعبات والتشوّهات، بما في ذلك ما ينتشر في المناهج المدرسيّة وغيرها من الوسائل "باسم الحرّيّة والتسامح".
كما، وتمّ التطرّق إلى مواضيع أخرى في حياة الكنيسة الأنطاكيّة في الداخل والخارج. ومن بين القضايا التي تمّ بحثها استبدال عدد من الكراسي الأسقفيّة الشاغرة وانتخاب وكيل بطريركيّ جديد وأمين سرّ المجمع المقدّس.