وفد رهبانيّ من بطريركيّة موسكو يزور أديرة وادي النطرون ومقدّسات القاهرة المسيحيّة
دائرة الاتّصالات في قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو، 10/05/23
في الثاني والثالث من أيّار الجاري، زار الوفد الرهبانيّ من الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة برئاسة المتروبوليت ديونيسيوس مطران فوسكريسينسك مسؤول الشؤون الإداريّة مهد الرهبنة المسيحيّة أي الأديرة القديمة في وادي النطرون، الواقعة بين الإسكندريّة والقاهرة إلى الغرب من دلتا النيل.
كانت المحطّة الأولى دير القدّيس مكاريوس الكبير، هذا الدير، الذي يرقى تاريخه إلى العام 360 م، ويبلغ عدد رهبانه، اليوم، حوالي مائة وخمسين راهبًا؛ إنّه مكان الجهاد الروحيّ الموصوف في كتاب الباتيريكون المصريّ وضريح أحد مؤسّسي الرهبنة.
تبرّك المتروبوليت ديونيسيوس وأعضاء الوفد من ذخائر القدّيس مكاريوس الموجودة في كنيسة الدير، بالإضافة إلى القدّيسين الرهبان بافنوتيوس الكبير، وبيمن العظيم، ويوحنّا كولوف (القصير)، والعديد من قدّيسي الله الآخرين الذين ترهبنوا هنا، علاوة على جزيئيّات من ذخائر النبيّين أليشع ويوحنّا المعمدان. وقد تجوّل الوفد في مكتبة الدير والتي تحوي مخطوطات قديمة من تآليف رهبان وادي النطرون.
ثمّ قام الوفد بزيارة دير السيّدة العذراء البراموس الذي أسّسه القدّيس مكاريوس الكبير حوالي العام 335، وهو أوّل دير في العالم المسيحيّ. والجدير بالذكر أنّ القدّيسين مكسيموس ودوماديوس، ولدَي الإمبراطور الرومانيّ فالنتينيان، ترهبنا هنا في نهاية القرن الرابع تحت إشراف القدّيس مكاريوس.
قام المطران ديونيسيوس وأعضاء الوفد بجولة في الكنائس وغرف المرافق، وهي قاعة طعام بُنيت في القرن الرابع، حيث كان يجتمع الرهبان الأوائل بعد نهاية القدّاس حول مائدة مشتركة، ثم يعودون إلى قلاليهم ثانية.
كما تبرّك الحجّاج الروس من ذخائر القدّيسين إيسيذورس وموسى الأسود، وآباء آخرين قضوا حياتهم الرهبانيّة في هذا الديركالقدّيس أرسانيوس الكبير الذي رتّل له الزوّار الطروباريّة الخاصّة به. في قسم بعيد من كنيسة الدير القديمة، اكتشف الرهبان، بعد فترة طويلة من إقامتهم في الدير، عمودًا اعتاد أن يقف وراءه القدّيس أرسانيوس ليصلي. نال القدّيس أرسانيوس شهرة واسعة بين رهبان وادي النطرون ممّا اضطرّه إلى مغادرة مكانه ليحمي نفسه من الشهرة المحيطة به ومن لقاء الناس الذين كانوا يقصدونه. رقد القدّيس أرسانيوس داخل حدود القاهرة الحديثة، بعد أن أوصى بألّا يحظى بدفن لائق.
وفي نفس اليوم، زار الوفد دير السيّدة العذراء السريان، الذي أسّسه تلاميذ الراهب باييسيوس الكبير في نهاية القرن الرابع في المكان الذي توجد فيه قلّايته البعيدة. ترهبن في هذا الدير، لعدّة قرون، رهبان سوريّون. ويتّصف الدير بتقليد التوحّد الكامل. في القرنين الخامس والسابع، انتشرت القلالي في الصحراء، فصار الرهبان يتجمّعون في الدير فقط لقدّاس الأحد والأعياد. استمرّت هذه الممارسة جزئيًّا حتّى يومنا هذا، يوجد في الدير، حاليًّا، العديد من الشيوخ المتوحّدين لا ينصّ ميثاق قانونهم على الاشتراك في وجبة الطعام خلال أيّام الأسبوع.
يرتبط اسم القدّيس أفرام السريانيّ، الذي قصد المكان، ذات مرّة، للقاء القدّيس باييسيوس الكبير، فصار له ارتباط وثيق بهذا الدير القديم. حتى اليوم، في أراضي الدير، يمكننا أن نرى شجرة نمت من غرس عصا القدّيس أفرام لا تزال تعطي ثمارًا لأكثر من ألف عام ونصف.
زار الوفد، أيضًا، في الثالث من أيّار آخر أديرة وادي النطرون، دير القدّيس بايسيوس الكبير (الأنبا بيشوي)، الذي أسّسه هذا القدّيس قرابة العام 357. للدير دور مهمّ في الحياة المسيحيّة المصريّة. في القرن الرابع، ترهبن داخل أسواره ما يصل إلى 5000 راهب، ومنذ ذلك الحين لم تنقطع الحياة الرهبانيّة فيه. خرج من دير القدّيس باييسيوس العديد من أساقفة الكنيسة القبطيّة البارزين بمن فيهم رئيسها الحاليّ قداسة البطريرك تواضروس الثاني.
في نفس اليوم، انطلق الحجّاج إلى القاهرة، وتوقّقوا في طريق الجيزة لزيارة الكنيسة القبطيّة للشهيد الكبير مينا، والتي تمّ نقلها في العام 2022، ببركة قداسة البطريرك تواضروس الثاني، لاستخدام رعيّة بطريركية موسكو.
في الرابع من أيّار، عند عودة الوفد إلى القاهرة، تبرّك أعضاؤه من المقدّسات المسيحيّة في العاصمة المصريّة.
استقبلت رئيسة دير الشهيد العظيم ثيودوروس قائد الجيش (الأمير تادرس) بالقاهرة الأمّ أدروسيس وأخوات الدير ممثّلي الكنيسة الروسيّة الأرثوذكسيّة، مستذكرة زياراتها إلى روسيا بحرارة. وتحدّثت، بشكل خاصّ، عن تاريخ الدير وحياته اليوميّة. تاريخيّاً، يكرّم هذا الدير القدّيس أونوفريوس الكبير بشكل مميّز، الذي من خلال مساعدته تمّ الكشف عن مصدر للمياه بأعجوبة، والذي لا يزال موجودًا حتّى اليوم.