قداسة البطريرك كيريل يلتقي الأمين العامّ لمنظمة التعاون الإسلاميّ
دائرة الاتّصالات في قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو، 27/10/22
في الخامس والعشرين من تشرين الأوّل الجاري، في قاعة الاستقبال في كاتدرائيّة المسيح المخلّص، تمّ اللقاء بين قداسة البطريرك كيريل بطريرك موسكو وسائر روسيا والسيّد حسين إبراهيم طه الأمين العامّ لمنظمة التعاون الإسلاميّ.
شارك في اللقاء من طرف الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة نائب رئيس قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو الأرشمندريت فيلاريت (بوليكوف) ورئيس المجلس البطريركيّ للتعاون مع العالم الإسلاميّ الأب غريغوريوس (ماتروسوف).
وكان من بين المشاركين أيضا في الاجتماع: الممثّل الدائم لروسيا الاتّحاديّة لدى منظَّمة التعاون الإسلاميّ السيّد رمضان عبد الطيبوف الممثّل الخاصّ لوزير الخارجيّة للتعاون مع منظَّمات الدول الإسلاميّة والسفير المتجوّل لوزارة الخارجيّة الروسيّة السيّد شوفالوف.
أمّا من طرف منظَّمة التعاون الإسلاميّ، فشارك نائب الأمين العامّ للشؤون السياسيّة يوسف الدبّي ونائب الأمين العامّ للشؤون الإنسانيّة والثقافيّة والاجتماعيّة طارق بخيت المبعوث الخاصّ للأمين العامّ لأفغانستان، نائب الأمين العامّ للشؤون العلوم والتكنولوجيا أسكار موسينوف.
رحّب قداسة البطريرك كيريل بالأمين العامّ لوجوده في موسكو، وبدأ المحادثة بتذكيره أنّ روسيا هي بلد متعدّد الجنسيّات والطوائف. وتابع قداسته: "تكوين روسيا ظاهرة فريدة في التاريخ: لم تكن هناك حروب دينيّة في بلدنا. ولكن للأسف، كانت روسيا، في كثير من الأحيان، مطمعًا للدول الأجنبيّة. وبالتالي، كان علينا أن نناضل، مرارًا وتكرارًا، من أجل استقلالنا وحرّيّتنا. لقد مرّت بلادنا بأصعب ظرف إبّان الحربين العالميّتين، وقد تكبّدت أكبر الخسائر فيهما. وهنا، يجب أن أنوّه بأنّ الأرثوذكس والمسلمين كانا معًا في هذه الحربين: حاربنا من أجل حرّيّة واستقلال بلدنا".
وذكر قداسته أنّ علاقات التعاون بين الكنيسة الأرثوذكسيّة والعالم الإسلاميّ تتطوّر بنشاط في روسيا المعاصرة، سواء في تلك المناطق التي يشكّل فيها الإسلام عددًا كبيرًا من السكّان، أوحيث يشكّلون الأقلّيّة من المجتمع.
وعرض قداسة البطريرك كيريل أفكاره مع السيّد إبراهيم طه حول الأحداث الجاريّة في العالم، اليوم، فقال: "يبدو أنّ نظام الأمن، المقصود هنا نظام العلاقات الدوليّة، الذي تمّ إنشاؤه منذ أكثر من سبعين عامًا بعد الحرب العالميّة الثانية يختفي تدريجيّاً. هناك الكثير من التهديدات التي يمكن أن تسبّب أضرارًا مأساويّة للحضارة الإنسانيّة بأكملها. في الوضع الحاليّ، يجب على رؤساء الأديان، الذين يتحمّلون مسؤوليّة خاصّة عن السلام والوئام في المجتمع البشريّ، أن ينضمّوا بنشاط إلى النضال من أجل السلام: "يتمتّع كلّ من المسيحيّين والمسلمين بإمكانيّات كبيرة إن كانت بشريّة أو فكريّة أو ثقافيّة أو ماليّة. ومن خلال الجهود المشتركة يمكننا أن نفعل كثيراً ليصبح العالم أفضل".
وأضاف قداسته: " برأيي، العلاقات بين الأرثوذكس والمسلمين يمكن أن تتطوّر في اتّجاهات مختلفة على أساس ثنائيّ وعلى أساس التفاعل بين المنظَّمات الدوليّة. يجب أن يكون لدى الأرثوذكس والمسلمين مكان خاصّ للنقاش، ومؤتمر خاصّ لتبادل الآراء وتحقيق الدورات التدريبيّة وتطوير مثل هذه المواقف من القضايا الاجتماعيّة والدولية التي يمكن أن تلبّي مصالح جميع الناس".
وأشار الأمين العامّ لمنظَّمة التعاون الإسلاميّ، بدوره، إلى أنّه كان من دواعي السرور والشرف له أن يلتقي مع قداسة البطريرك كيريل للمرّة الأولى. وشدّد على أهمّيّة بحث سبل تطوير التعاون والتعايش بين المسيحيّين والمسلمين والعمل المشترك في مجال حفظ السلام.
وأضاف السيّد إبراهيم طه بأنّ الناس، اليوم، مهدَّدون بالخطر الإرهابيّ الذي يؤثّر على العالم بأسره دون تمييز بين المسلمين والمسيحيّين. وهذا التهديد العالميّ لا يمكن التغلّب عليه إلّا بالاتّحاد. اليوم، نحتاج إلى أن نقف متعاضدين ضدّ تلك الخطابات التي تحرض على الكراهية، والتي غالبًا ما توزَّع على الشبكات الاجتماعيّة، ويعاني منها بشكل خاصّ جيل الشباب. فنحن بحاجة لمحاربة هذا التهديد معاً".
كما وأشار السيّد إبراهيم طه إلى أهمّيّة نوع أنشطة التعاون بين الأديان مثل المؤتمر الأخير لرؤساء الأديان العالميّة والتقليديّة الذي عُقد في عاصمة كازاخستان مؤخَّراً. وقال: "إنّنا ندعم بقوّة مثل هذه المبادرات، وقد حضرت المؤتمر شخصيًّا. أعتقد أنّ أفضل طريقة لمحاربة التطرّف هي اللقاء والحوار".
وأعلن، أيضاً، السيّد إبراهيم طه أنّ سبعة وخمسين دولة من أعضاء منظَّمة التعاون الإسلاميّ مستعدّة لمحاربة الإرهاب والظواهر الأخرى التي تشكل تهديدا للعالم المعاصر. وأضاف قائلا: "أعتقد أنّه بدءًا من اليوم، يمكننا عقد اجتماعات ومحادثات منتظَّمة لإعطاء إجابة على الظواهر الموجودة في الحياة العصريّة".
وختم صاحب القداسة: "أعتبر، اليوم، أنّه من المهمّ جدًّا إجراء حوار بين المسيحيّين والمسلمين لدعم الوصايا والمعايير الإلهيّة المشتركة بيننا، والتي تحدّد أحكام الحياة البشريّة، والحدود المسموح بها للإنسان. إنّنا نعتبر الاتّجاه نحو تدمير الأخلاق البشريّة خطيرًا تحدّيًا لوجود الإنسان والمجتمعات البشريّة".