افتتاح مركز إعادة تأهيل وتركيب الأطراف الاصطناعيّة للأطفال في معتمديّة الكنيسة الروسيّة في دمشق
في السادس من آذار 2022 شارك سيادة المتروبوليت هيلاريون رئيس قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو في افتتاح رسميّ لمركز إعادة تأهيل وتركيب الأطراف الاصطناعيّة للأطفال الذي تمّ انشاؤه على أساس معتمديّة الكنيسة الروسيّة في دمشق.
أنشئ هذا المركز ببركة قداسة البطريرك كيريل بطريرك موسكو وسائر روسيا، وبدعم من غبطة البطريرك يوحنّا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، بالإضافة إلى مجلس التفاعل مع المؤسّسات الدينيّة تحت إشراف رئيس الاتّحاد الروسيّ، وصندوق حفظ التراث والثقافة المسيحيّة ومؤسّسة "بوزنانيّة" الخيريّة، ومؤسّسة «Kirche in Not» الخيريّة.
حضر الحفل كلّ من: الدكتور محمّد عبد الستّار السيّد، وزير الأوقاف في الجمهوريّة العربيّة السوريّة؛ السيّد حسين مخلوف وزير الإدارة المحلّيّة والبيئة؛ السيّد ألكسندر يفيموف السفير فوق العادة والمفوَّض للاتّحاد الروسيّ في سوريا؛ السيّدة ماري البيطار نائب مجلس الشعب السوريّ ورئيسة اللجنة البرلمانيّة للعلاقات مع الكنيسة الأرثوذكسيّة؛ العقيد ميشال فرح رئيس مديريّة الخدمات الطبّيّة في وزارة الداخليّة؛ السيّد عادل العلبي محافظ دمشق، سيادة المطران موسى أسقف داريا ومعاون البطريرك الأنطاكي؛ قدس الأب أرساني (سوكولوف) ممثّل بطريرك موسكو وسائر روسيا لدى بطريرك أنطاكية وسائر المشرق؛ قدس الأب نيقولاي بالاشوف نائب رئيس قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة في بطريركيّة موسكو؛ السيّد نيقولاي سوخوف مدير المركز الروسيّ للعلوم والثقافة في دمشق؛ الاستاذ رمال الصالح رئيس مؤسّسة الوفاء الخيريّة؛ الدكتور جهاد محمّد حداد كبير الأطبّاء في مركز الأطراف الاصطناعيّة وإعادة التأهيل للأطفال في ممثّليّة الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة في دمشق؛ السيّد حسن راية مدير المركز؛ السيّد إيفان بارفينوف نائب المدير العامّ لمؤسّسة "بوزنانية" الخيريّة. بالإضافة إلى عدد من الضيوف الكرام 30 طفلاً مع عائلتهم كانوا قد خضعوا لوضع الأطراف الاصطناعيّة سابقاً.
رحّب المطران هيلاريون بالممثّلين الرفيعي المستوى للحكومة السوريّة وممثّلي الكنيسة الأرثوذكسيّة الأنطاكيّة وسلطات مدينة دمشق، ثمّ تحدّث عن تاريخ تأسيس هذا المركز، فقال:
" بدأنا ببرنامج إعادة تأهيل للأطفال السوريّين المتضرّرين بسبب الصراع العسكريّ في سوريا منذ بضع سنوات. ومن بينهم أطفال أصيبوا إمّا نتيجة انفجار ألغام أو بشظايا انفجار قنابل، ما أدّى إلى فقد بعضهم ساقه أو ذراعه أو ساقيه، وكذلك أطفال آخرون فقدوا البصر. وعندما كان يحضرون هؤلاء الأطفال إلى روسيا، أدركنا، للتوّ، أنّ عمليّة إعادة التأهيل يجب أن تكون شاملة. فالطفل الذي فقد ذراعه أو ساقه لا يحتاج إلى طرف اصطناعيّ، فحسب، بل يحتاج إلى تعليمه كيفيّة استخدامه، ولكنّ الأهمّ من ذلك، أنّ يتعلم كيف يعيش حياته من جديد، وهذا يتطلّب نهجاً شاملاً وإشراف المتخصّصين في المجالات المختلفة.
عندما استقبلنا هؤلاء الأطفال في روسيا لاحظنا أنّهم لا يبتسمون ويتحدّثون قليلاً، وعندما كنّا نعطيهم أقلام رصاص متعدّدة الألوان، كانوا يختارون الأقلام السوداء ويرسمون قنابل وصواريخ. ولكن بعد ذلك، خضعوا لعلاج علماء النفس والأطبّاء المتخصّصين في الأطراف الاصطناعيّة والمعالجين وأطبّاء العيون، فعادت إرادة الحياة إليهم تدريجيّاً.
وأدركنا، على الفور، أنّه إذا أردنا مساعدة عدد أكبر من الأطفال، فيجب عدم نقلهم إلى موسكو، وإنّما معالجتهم هنا، لذلك قرّرنا تأسيس مركز لإعادة التأهيل في سوريا، على أساس ممثّليّة الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة لدى بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، حيث يمكن تركيب الأطراف الاصطناعيّة لهم، وحيث يتمكّن علماء النفس من متابعتهم، وأن يخضعوا لعمليّة إعادة تأهيل شاملة.
وكما تعلمون، يطلب الطفل الاهتمام الدائم، وليس، فقط، وضع الطرف الاصطناعيّ ثمّ وتركه. فالطفال ينمو ما يعني ضرورة استبدال الطرف الاصطناعيّ كلّ ستّة أشهر. ولهذا يجب أن يكون الطفل تحت إشراف الأطبّاء المستمرّ، كما يحتاج إلى العمل معه والتحدّث إليه.
عندما وصل إلينا أحد الأطفال المصابين، وفقد أطرافه الأربعة، أخبرته قصّة رجل كنّا قد قرأنا عنه جميعًا عندما كنّا تلاميذ في المدرسة في المعهد السوفيتيّ، وهو طيّار فقد ساقيه خلال الحرب الوطنيّة العظمى. من المميز أن كانت لديه الإرادة للعيش والرغبة في الفوز، وبدلاً من أن يتمّ تسريحه، بذل كلّ جهده من أجل العودة إلى الطيران. وعندما صنعوا له أطرافًا اصطناعيّة، تعلّم الطيران من جديد وبفضله دُمِّرت العديد من طائرات العدوّ، وأصبح بطل الاتّحاد السوفيتيّ، وقد كتب عن أعماله البارزة الكاتب الروسيّ بوريس بوليفوي كتابًا تحت عنوان "قصّةرجل حقيقيّ".
إنّ مهمّتنا هي مساعدة كلّ من هؤلاء الأطفال لكي يصبحوا أشخاصًا حقيقيّين رغم ما حدث لهم في الطفولة، ليعيش كلّ واحد منهم حياة سعيدة وسليمة. وهذا هو الهدف الرئيس لوجودنا هنا".
ثم أعرب المتروبوليت هيلاريون عن امتنانه لكلّ من وزارة الصحّة السوريّة ووزارة الأوقاف ووزارة التربية والتعليم، ومكتب رئيس بلديّة دمشق، وسفارة الاتّحاد الروسيّ في الجمهوريّة العربيّة السوريّة، وكلّ من ساعد في إنشاء ودعم وتشغيل مركز إعادة تأهيل وتركيب الأطراف الاصطناعيّة للأطفال في معتمديّة الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة في دمشق.
وخصّ سيادته بالذكر أعمال خيريّة صندوق حفظ التراث والثقافة المسيحيّة، الذي بمشاركته تمّت أعمال البناء في هذا المركز وتمّ شراء أجهزة طبّيّة حديثة، فقال: "توجّهنا بطلب إلى مؤسّسة حفظ التراث والثقافة المسيحيّة لاستمرار تمويل هذا المشروع الخيري. نأمل أن يُتَّخَذ قرار إيجابيّ أثناء اجتماع مجلس إدارة الصندوق الذي سيتمّ في هذا الشهر.
وأودّ أن أؤكد، إيّها الإخوة والأخوات في سوريا، أنّ روسيا والكنيسة الروسيّة ستقف إلى جانبكم دائماً. وسنبذل كلّ جهدنا ليقوم بلدكم من تحت الأنقاض في أسرع وقت ممكن، ليعيش جميع سكّانه تحت ظلّ السعادة.
ثمّ تكلّم وزير الأوقاف في الجمهوريّة العربيّة السوريّة السيّد محمّد عبد الستّار، وفعبّر عن عمق امتنانه "للعمل الإنسانيّ المهمّ" لجميع الأشخاص الذين بذلوا جهودًا لإنشاء هذا المركز: أوّلاً، وقبل كلّ شيء، قداسة البطريرك كيريل بطريرك موسكو وسائر روسيا والكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة بأكملها وغبطة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنّا العاشر، وللسلطات الإقليميّة والمحلّيّة، وسفارة روسيا الاتّحاديّة في سوريا.
ونودّ أن نشكر، بشكل خاصّ، سيادة المتروبوليت هيلاريون الذي زار بلدنا عدّة مرّات ونعرف جهوده ومساعيه المتعدّدة واهتمامه الخاصّ لإقامة هذا المشروع. ثمّ توجّه السيّد محمّد عبد الستّار بكلمة إلى السفير الروسيّ في سوريا، فقال إنّ العلاقات بين البلدين تعمّق، أكثر فأكثر، كلّ يوم. وأشار، أيضاً، إلى أنّ تحقيق هذا المشروع في مساعدة الأطفال المتضرّرين في الحرب ما هو إلّا تجسيد لتعليم الربّ يسوع المسيح الذي علّم عن المحبّة والسلام. لا بدّ أنّ حلول السلام على الأرض هو ما تفعله الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة حاليّاً في سوريا بالتعاون معالطائفة الارثوذكسيّة برئاسة غبطة البطريرك يوحنّا العاشر. كما نعبّر عن امتناننا، أيضاً، إلى الاتّحاد الروسيّ بشكل عامّ ورئيسه فلاديمير بوتين وقداسة البطريرك كيريل.
ثمّ ألقى السفير الروسيّ في سوريا السيّد إيفيموف كلمة، قال فيها: "نحن هنا اليوم عائلة واحدة، مسيحيّون ومسلمون، نحتفل باحتفال مشترك، نفتتح هذا المركز الرائع لعلاج الأطفال. أعتقد أنّ الأطفال هم أهمّ شيء في حياتنا، ولذلك يجب أن نعتني بالأطفال الذين عانوا من هذه الحرب الرهيبة. إنّ افتتاح المركز هو دليل على العلاقات الأخويّة والاستراتيجيّة والصداقة بين بلدينا. هذه العلاقات لها جذور تاريخيّة على جميع المستويات: على مستوى الرؤساء وعلى مستوى الحكومات والبرلمانات والشعوب".
وبعد ذلك، وترحيباً بجميع الحاضرين، تحدّث المعاون البطريركيّ سيادة المطران موسى أسقف داريا.
ثمّ قام جميع المشاركين في الاحتفال بجولة في جميع قاعات المركز، كما جرت محادثة مع أطفال يخضعون لإعادة التأهيل، وقدّم لهم المتروبوليت هيلاريون هدايا تذكاريّة.
يواصل المركز عمله بشكل يوميّ، حيث تُقدم مساعدة للمرضى الصغار من قبل أطبّاء الأطفال وأطبّاء الرضوح والأعصاب وعلماء النفس ومعالجي إعادة التأهيل ومعلّمي العلاج بالتمارين الرياضيّة. وسيتمّ تنفيذ عمل الأطبّاء السوريّين تحت إشراف المركز العلميّ لعلم النفس للأطفال التابع لقسم الصحّة في موسكو.
دائرة الاتّصالات في قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة