نائب رئيس قسم العلاقات الكنسيّة الخارجية قدّم في المؤتمر الذي عقد بدمشق تقريراً حول دور المنظمات الدينية في إعادة إعمار سورية بعد الحرب.
اُفتتح بتاريخ 11 تشرين الثاني 2020 في قصر المؤتمرات بدمشق (سورية) مؤتمر دولي حول عودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى الوطن، (هذا الموضوع حساس للغاية: فوفقًا للأمم المتحدة بعد بدء الأعمال القتالية غادر سورية أكثر من ستة ملايين شخص).
ووجه رئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشار الأسد الترحيب والتحية للحضور الكريم عبر الفيديو.
وكذلك جرى بث تحية وزير خارجية روسية سيرغي لافروف وألقى ممثلو دول أخرى كلمات.
وشاركت وفود من 27 دولة وممثلين عن هيئات دولية ومنظمات غير حكومية وشخصيات دينية وعامة، في مناقشة موضوع عودة اللاجئين السوريين والنازحين إلى الوطن.
وكان من بين المشاركين في المؤتمر الوكيل البطريركي المطران أفرام أسقف سلوقية (بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس) ومندوبي الكنائس السريانية الأرثوذكسية والرسولية الأرمنيّة والروم الملكيين الكاثوليك وممثل مفتي الجمهورية السورية.
وشارك في المؤتمر نيابة عن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ممثل بطريرك موسكو وسائر روسية لدى بطريرك أنطاكية وسائر المشرق هيغومان أرسيني (سوكولوف). في الجلسة العامة تلا الأب أرسيني تقرير نائب رئيس قسم العلاقات الكنسيّة الخارجية في بطريركية موسكو (رئيس أساقفة فلاديكافكاز ألانسكي ليونيد) "حول دور المنظمات الدينية في إعادة إعمار سورية بعد الحرب".
رئيس الأساقفة ليونيد قال في كلمته: "منذ بداية الأزمة الحالية، كنّا في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية والدولة الروسية جنبًا إلى جنب مع إخوتنا السوريين". وأشار بوجه الخصوص أن قداسة البطريرك كيريل بعد أن زار دمشق في عام 2011 ميلادية ورأى المأساة التي بدأت بالفعل، هو أول من رفع صوته دفاعًا عن هذا البلد الذي طالت معاناته.
وقال الكاهن "كنا قلقين بشأن مستقبل المسيحية في منطقة الكتاب المقدس حيث هو الدين الأصلي، لقد تعاطفنا مع جميع السوريين دون تمييز في الانتماء الديني أو المذهبي "مسيحيين ومسلمين" ورأينا في كل منهم جاراً أمرنا الرب بمساعدته، وتعززت هذه المشاعر من خلال روابط صداقتنا الممتدة لقرون عديدة مضت".
وذكر أن المهمة الأولى تتمثل في كسر الحصار الإعلامي وتقديم الحقيقة عن معاناة الشعب السوري إلى المجتمع الدولي. وقال ممثل الكنيسة الأرثوذكسية الروسية: "لقد روجنا بشكل مستمر لهذا الموضوع في اتصالاتنا مع المسؤولين في الدول الأجنبية والرؤساء الدينيين في العالم وكذلك في اللقاءات الدولية ".
أيضاً أشار المطران فلاديكا ليونيد أن القلق العميق لدى قداسة بطريرك موسكو وسائر روسية كيريل بشأن مصير الشعب السوري والتطور الخطير للأحداث في منطقة الشرق الأوسط ككل، هو السبب الرئيسي للقائه العاجل مع البابا فرنسيس في هافانا في شباط 2016. وشدد أنه "بعد الخطاب المشترك لقادة أكبر الجاليات المسيحية في العالم لم يعد من الممكن التكتم عن حقيقة المأساة السورية" مشيراً أنه مباشرة بعد اجتماع هافانا انطلقت أولى المشاريع الإنسانية في سورية بالمساهمة مع كنيسة روما الكاثوليكية.
وأضاف الكاهن "في وقت سابق قدمت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية مساعدة للسوريين حيث جمعت الأموال لهذا الغرض من أبرشياتها ورعاياها وأديرتها وطلبت المساعدة من المنظمات العامة والجهات المانحة"
كما ورد في كلمة نائب رئيس قسم العلاقات الكنسية الخارجية في مؤتمر دمشق بأن أولوية الشراكة للكنيسة الأرثوذكسية الروسية تكمن في تنفيذ المشاريع الإنسانية فيما يخص الطوائف الدينية التقليدية في سورية، أولاً وقبل كل شيء هي الكنيسة الأرثوذكسية القديمة في أنطاكية التي ترتبط بها بعلاقات أخوية لقرون عديدة.
أيضاً تحدّث رئيس الأساقفة قائلا "دور المنظمات الدينية في إعادة إعمار سورية بعد الحرب مهم للغاية". "فالسلطة التي تتمتع بها بين السكان المحليين لا جدال فيها وهي معنية بعدم خروجهم من أراضيهم الأصلية والتقرب من الناس والوعي العميق لاحتياجاتهم الملحة، كل هذا يزيد من فعالية العمل الإنساني ويسمح بإعطائه طابعًا محددًا ودقيقا. وشدد في الوقت نفسه أن المنظمات الدينية لا تسعى إلى حصر المساعدة في دائرة المؤمنين من نفس الجماعة فقط، بل في مساعدة جميع ضحايا الحرب بغض النظر عن انتمائهم الطائفي وهو ما أكده ميراراً وتكرارًا غبطة بطريرك انطاكيا وسائر المشرق البطريرك يوحنا العاشر.
بدعم من الكنيسة الروسية تنفذ بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس عددًا من المشاريع الاجتماعية والخيرية: مثل توزيع طرود غذائية على العائلات من المناطق المتضررة من الحرب في دمشق وحمص ووادي النصارى واللاذقية وطرطوس ودفع تكاليف العمليات الجراحية وإعادة تجهيز المؤسسات الطبية وتحديثها كما وأوشكت على انتهاء أعمال ترميم المجمع التعليمي الكنسي في عربين.
ببركة من قداسة البطريرك كيريل عام 2017 أنشئ مجلس التفاعل مع الجمعيات الدينية التابع للرئاسة الروسية مجموعة أعمال مشتركة بين الأديان لتقديم المساعدة لسكان سورية، وضمت ممثلين عن الجاليات المسيحية والمسلمة في روسية وعدد من المنظمات العامة. كما أشار رئيس الأساقفة ليونيد في كلمته: في كنائس ومساجد روسية، بدأ المؤمنون بجمع الأموال لشراء مساعدات إنسانية لسورية، وخلال الفترة الماضية جرى إرسال عدة طائرات محملة بمساعدات إنسانية إلى البلاد وتم توزيعها على أكثر الناس حاجة في اللاذقية وحمص وحلب ودمشق وسهل البقاع في لبنان حيث يتواجد عدد كبير من اللاجئين السوريين، كما قدمت مساعدة لمدرسة أبناء الشهداء الداخلية في دمشق.
وزعت المساعدات على وجه الخصوص في الكنائس والمساجد السورية بشكل مشترك من قبل المسيحيين والمسلمين. كما قال مؤكداً في كلمته "لقد أصبح هذا رمزًا واضحًا لتضامننا" مشيرًا إلى أن جميع هذه الأعمال الإنسانية لمجموعة العمل المشتركة بين الأديان تم تنفيذها جنبًا إلى جنب مع رؤساء الطوائف في سورية.
تطرق أيضاً إلى مجال نشاط مجموعة العمل بين الأديان مثل المشاركة في استعادة البنية التحتية الاجتماعية في سورية، بعد مشاورات مع رجال الدين وممثلي سلطات الدولة في هذا البلد تقرر البدء في ترميم مدرسة ثانوية دمرتها الحرب في حي برزة بدمشق، أيضاً أضاف في كلمته: "تم تنفيذ العمل بجودة عالية وبسرعة قياسية ففي شهر أيلول عام 2019 باشر الأطفال بالذهاب إلى المدرسة التي تم ترميمها" مشيرًا بشكل خاص أن الأموال المخصصة لهذه القضية النبيلة تم جمعها في الكنائس والمساجد في روسية من قبل أهل البلد البسطاء المؤمنين وكذلك قدم قداسة البطريرك كيريل مساهمة شخصية مهمة أيضاً.
شهد هذا المؤتمر والفعاليات التي عقدت على هامشه مدى اهتمام الحكومة الروسية ورئيسها بقضية إعادة الإعمار بعد الحرب وتقديم المساعدات الإنسانية لسورية، وأكّد رئيس أساقفة فلاديكافكاز آلانسكي ليونيد أن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية على استعداد لمشاركة خبرتها في انجاز العمل المطلوب.
كما أشار أنّه عند مناقشة هذا الموضوع لا بد من مراعاة رأي الطوائف الدينية في سورية، كما يجب أن يكون ترميم الأضرحة المدمرة والكنائس والمساجد والأديرة من الأولويات في برنامج إحياء البلد. "لأنهم محور الحياة الطبيعية في المدن والقرى السورية".
يُشير أيضاً في كلمته أنّه يجري انجاز عمل كبير في هذا الاتجاه، فبمساعدة المحسنين الروس نفّذت بطريركية أنطاكية أعمال الترميم في دير القديسة تقلا الأرثوذكسي في معلولا الذي كان في أيدي الإرهابيين لعام كامل وكذلك دير القديس جاورجيوس المظفر في الحميراء ودير السيدة العذراء مريم في صيدنايا ودير سيدة بلمانا وكنيسة النبي ايليا في ضاحية دمشق (الدويلية) ودير القديس جاورجيوس المظفر في عربين وكذلك كنيسة رقاد السيدة العذراء في الزبداني في المرحلة النهائية من الترميم. وصرّح المطران ليونيد بأنه يخطط لزيادة التعاون مع البطريركية الأنطاكية في هذا المجال.
وأكّد قائلاً "نود أن نرى قادة دينيين موثوقين في سورية يكونوا من بين المنسقين الرئيسيين لمشاريعنا المشتركة على الجانب السوري" وأشار إلى عدد من المبادرات المهمة بما في ذلك تقديم مساعدة على نطاق واسع لمستشفى الحصن التابع للبطريركية الأنطاكية حيث جرى مؤخرًا افتتاح قسمي القسطرة وجراحة القلب والترميم المستمر للمدارس والمؤسسات التعليمية الأخرى ومساعدتها في توفير الكتب والمناهج واستمرار برنامج الأطراف الصناعية وإعادة تأهيل الأطفال السوريين الذين فقدوا أطرافهم نتيجة انفجار القنابل والألغام بموجب اتفاق مع الكنيسة الأرثوذكسية الأنطاكية، وفي إطار هذا البرنامج خضع أحد عشر طفلاً للعلاج واستفادوا من برنامج الأطراف الصناعية وإعادة التأهيل في موسكو.
أضاف نائب رئيس قسم العلاقات الكنسية الخارجية "لم يسمح لنا وباء الفيروس كورونا المستجد بمواصلة علاج الأطفال بنشاط في موسكو في عام 2020 ميلادية، ولكن تشمل الخطط المشتركة القريبة افتتاح مركز لتركيب الأطراف الاصطناعية للأطفال وإعادة التأهيل والذي سيعمل على قاعدة تمثيل الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في ظل بطريركية أنطاكية وسائر المشرق" اعتبارًا من بداية عام 2021 سنتمكن من تقديم المساعدة للأطفال بشكل ميداني وسنقوم برعاية كل الأطفال الجدد وأيضاً الذين خضعوا لإعادة تأهيل ويحتاجون الآن إلى تحديث الأطراف الاصطناعية وإجراءات إضافية ومساعدة نفسية، وهذا سيشمل الأطفال وأهلهم".
لخص رئيس الأساقفة ليونيد الذي تمت قراءة كلمته في الجلسة العامة "نحن نعتبر أنه من المهم استنادًا إلى نتائج هذا المؤتمر أن نطور خطة واضحة للإجراءات الملموسة على المدى القريب والبعيد ونبدأ في تنفيذها بشكل مشترك".
ستستمر مناقشة القضايا التي أثيرت في كلمات المشاركين في المؤتمر يوم 12 تشرين الثاني في اليوم الأخير من المؤتمر.
مكتب اتصالات قسم العلاقات الخارجيّة الكنسيّة